Thursday, September 11, 2008

أيها الولد ..... أيها الأب.... . محاولة لفهم الطرف الآخر وإعطائه قدره

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
  • موضوع اليوم هو موضوع من داخل بيوتنا ، فكتير من الآباء إذا جلست تحادثه سمعت منه عبارات التصريح أو التلميح عن عدم الرضا عن أولاده وكتير أيضا من الأمهات وعلى الجهة الأخرى أيضا إذا إستمعت إلى الأبناء ستجد عبارات يفهم منها عدم التوافق وعدم الرضا عن تصرف الآباء ، بداية أقول تعالوا لا نغفل هذه الظاهرة وندفن رؤوسنا في الرمال كما يفعل النعام فتلك حقيقة ملموسة ، في هذا الصدد أقول أن كل من الجانبين - جانب الأبناء وجانب الآباء - ينظر إلى الموضوع من زاوية ضيقة وهي زاوية ما يريد هو لا زاوية ما يريد الطرف الآخر أو تعالوا نسميها ( محاولة فهم الطرف الآخر وإعطائه قدره ) ، وتعالوا نفتح شغاف القلوب لهذا الحديث فهو ليس حديث تبكيت وليس حديث من النوع الوعظي ولكنه حديث من القلب إلى القلب ، فأعرني قلبك ولو للحظات ، نقول بداية ونوجه الخطاب إلى الأولاد فهكذا بدأ الله تعالى ووجه لهم الخطاب بقوله تعالى " .... وبالوالدين إحسانا " نقول أيها إنه أبوك الذي لولاه ما جئت إلى الدنيا أنه أبوك الذي تربيت صغيرا في حجره وكنفه وماله أنه أبوك الذي إذا أصابك المرض سهر عليك وعلى حالك وإنغلق ذهنه عن كل شيئ إلا عن شيئ واحد وهو أن تصحبح صحيحا سليما معاف أنه أبوك الذي عندما طعمت أول لقمة لك في الدنيا لم تسعه الدنيا من الفرحة ، لم تسعه الدنيا من الفرحة عندما صار لك سن تقطع وتمنى لو وضع الدنيا كلها بين يديك ، أنه أبوك الذي الذي إذا أصابك هم أو غم أو كرب تحمله عنك وتصدى له فكان لك الدرع والسيف أنه أبوك الذي يتمنى لك أن تكون أفضل شيئ في الدنيا بل يتمنى أن تكون الدنيا كلها بين يديك ..... أسألك ماذا تجد عليه ؟؟؟ هل تجد عليه أنه فقير مثلا؟؟ المال ظل زائل وعارية مسترجعة ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك ، هل تجد عليه أنه غير متعلم ؟؟؟... فلولاه ما تعلمت أنت ولا وصلت إلى ما وصلت إليه ، هل يقلقك بمرضه وكثرة تررده على الأطباء والمستشفيات ؟؟؟ .... بئس الإنسان أنت ولا أقول بئس الإبن فعندما كنت تمرض وأنت صغير كان يسهر عليك ولا يكل ولا يمل حتى تعافي .... في هذا الصدد سأل أحد الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان يقوم على شأن أبيه المريض فقال يا رسول الله أتراني أديت حقه ؟ قال صلى الله عليه وسلم لا فقال الصحابي ولما ؟ فقال صلى الله عليه وسلم لأنك تتمنى موته أما هو فكان يتمنى لك الحياة " نعم تلك المسألة التى كلنا يتهرب منها أو يغض الطرف عنها هي ..... أنك تتمنى موته حتى تعفى من هذا الثقل الملقى على عاتقك .... أما هو .... أما هو فقد كان يتمنى لك الحياة .... معذرة إذا قلت ياله من جحود ، أقول لك هل تجد عليه أنه يلزمك أحيانا برأيه وأقواله .... نعم وتلك مسألة هامة جدا بل هي أحيانا سبب رئيس للصراع بين الآباء والأبنا ء ... أقول لك خبرته وسنين عمره الذي إنصرم يدعوه للتشكك في رأيك فماذا تعرف أنت مقابل عمره ؟؟ أرى أن تلتمس له العذر في وجه نظره تلك حتى تثبت له العكس وتقنعه بالحجة والبرهان أن لك رأي راجح ..... أقول لك هل تغضب منه ؟؟؟ أسألك سؤالا صعبا .....؟؟؟ ألن تبكيه إذا مات ؟؟؟؟ زرت يوما أحد أصدقائي يوم وفاة والده - وقد كان يلاقي ما يلاقي من والده - فقال لي أتذكر يوم زرتك يوم وفاة والدك ؟؟؟؟ قلت له نعم .... قال أتذكرما قلت لي ؟؟؟؟ قلت له لا .... قال أنا أذكرك ... لقد قلت لي : ليته ظل حيا وكل يوم يضرني بنعله ولا أبالي .... في حياة أبيك أنت في ظل ظليل ووراء ترس ثقيل ،، أقرأ معي هذه الحادثة التي جاءت في تفسير القرطبي برواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول :
  • جاء رجل كبير السن يشكو لرسول الله " صلى الله عليه وسلم" ابنه لما رآه منه من عقوق فقال الرجل: يا رسول الله كان ضعيفا ًوكنت قوياً ، وكان فقيراً وكنت غنياً ، فقدمت له كل ما يقدم الأب الحاني للابن المحتاج، ولما أصبحت ضعيفاً وهو قوي، وكان غنياً وأنا محتاج ، بخل علي بماله ، وقصّر عني

  • فأنشد أمية بن أبي الصلت يقول:
    غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً
    تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
    إِذا لَيلَةٌ نابَتكَ بِالشَكو لَم
    أَبِت لِشَكواكَ إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
    كَأَني أَنا المَطروقُ دونَكَ بِالَذي
    طُرِقَت بِهِ دوني فَعَينايَ تَهمُلُ
    تَخافُ الرَدى نَفسي عَلَيكَ وَإِنَني
    لَأَعلَمُ أَنَ المَوتَ حَتمٌ مُؤَجَّلُ
    فَلَمّا بَلَغَت السِّنَ وَالغايَةَ الَّتي
    إِليها مَدى ما كُنتُ فيكَ أُؤَمِلُ
    جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظاظَةً
    كَأَنَكَ أَنتَ المُنعِمُ المُتَفَضِلُ
    فَلَيتَكَ إِذ لَم تَرعَ حَقَّ أُبوَتي
    فَعَلتَ كَما الجارُ المُجاورُ يَفعَلُ
    زَعَمتَ بِأَنّي قَد كَبِرتُ وَعِبتَني
    لَم يَمضِ لي في السِنُ سِتونَ كُمَّلُ
    وَسَمَيتَني باِسِمِ المُفَنَّدِ رَأيُهُ
    وَفي رَأيِكَ التَفنيدُ لَو كُنتَ تَعقِلُ
    تُراقِبُ مِني عَثرَةَ أَو تَنالَها
    هَبِلتَ وَهذا مِنكَ رَأيٌ مُضَلَلُ
    وَإِنَكَ إِذ تُبقي لِجامي موائِلاً
    بِرَأيِكَ شابّاً مَرَةً لَمُغَفَّلُ
    وَما صَولَةُ الحِقِّ الضَئيلُ وَخَطرُهُ
    إِذا خَطَرتَ يَوماً قَساورُ بُزَّلُ
    تَراهُ مُعِدّاً لِلخِلافِ كَأَنَهُ
    بِرَدٍّ عَلى أَهلِ الصَوابِ مُوَكَلُ
    وَلَكِنَّ مَن لا يَلقَ أَمراً يَنوبُهُ
    بِعُدَّتِهِ يَنزِل بِهِ وَهو أَعزَلُ

  • فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى، ثم قال للولد: أنت ومالك لأبيك.
  • أريدك أن تقرأ هذه الأبيات وتحاول أن تتفهم معناه فقد جاء في بعض الروايات أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له سل هذا الرجل عن ما كان يقول في نفسه قبل أن يأتيك فأنشد الرجل هذه الأبيات
  • أيها الأب أقول لك ... حلمك وصبرك وخبرة سنين عمرك ألا تحتمل نزق وطيش إبنك .... محال محال أسوق لك أيها الأب هذه الحادثة لعل فيها ما ينفع :
  • سأل معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس عن الولد ، فقال :- يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ، وبهم نصول عند كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم ، ويحبّوك جهدهم ، ولا تكن عليهم ثقيلا فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك ويملوا حياتك. فقال له معاوية : لله أنت ! لقد دخلت علىّ وإني لمملوء غيظا على يزيد ولقد أصلحت من قلبي له ما كان فسد.
  • لا تغضبن من نزق إبنك وإندفاعه فتلك طبيعة سنه ولكن أرقبه من قريب لا تتركنه فريسة للأحداث وحيدا فعندما تنوبه نائبه ستكون أشد المحزونين ثم - والأهم - لا تلزمه بما تربيت عليه فأنت تربيت في زمان وجاء هو إلى زمان آخر كما قال علي رضي الله عنه " لا تنشؤوا أولادكم على تنشأتكم فقد خلقوا لزمان غير زمانكم إمنحه الفرصة كي يقوم ببرك فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم " رحم الله والدا أعان ولده على بره " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم إياك أن تغضب منه فتسخدم سيفك المسلط ، أتدري ما هو سيفك المسلط ؟؟؟؟ هو أن تدعو عليه فقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دعوة الوالد على ولده من الدعوات المستجابة ، وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك يشكو ولده فقال له : هل دعوت عليه قال نعم فقال عبد الله إذهب فلقد أفسدته "
  • إذا نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية سيدرك كل منا أن وجوده مع الآخر ما هي إلا فرصة وما هي إلا مرحلة وإما أن تنقضي هي أو ننقضي نحن ، وهذا هو طبع الدنيا ما جمعت إلا لتفرق
  • نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى