Wednesday, February 24, 2010

الصبر ... الرضا ... الأجل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الدرس الذي أضعه بين أيديكم هو درس هام من دروس مدرسة الدهر وليس من بطون الكتب ، فالصبر والرضا والأجل هم مفاتيح النجاة من أزمة ، فبالصبر والرضا يقطع المبتلى حياته في عبادة متواصلة مع المولى جل وعلا ثم يأتي الأجل ليقطع رحلة البلاء والشقاء التي يعيشها المبتلى ، هذا الدرس هو من ثنايا الحس والمشاهدة وكما قالوا " ليس المعاين كالمخبر " وأقول لكم أن من قطع عمره في دراسة كتب الزهد والرقائق بدءاً من إحياء علوم الدين وإنتهاءاً بالرقائق للراشد لن يحصل ما يحصله من مشاهدة كلام هذه السيدة يرحمها الله ، وقديما قال التابعي عبد الله بن عكيم رضي الله عنه لتلاميذه " أحدثكم بما رأيت أم بما قرأت ؟؟؟ قالوا بل حدثنا بما رأيت ، قال : رأيت عبد الملك بن مروان توفى وترك لأولاده الضياع والأموال ورأيت الولد منهم يتكفف الناس ، ورأيت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه توفى ولم يترك لأولاده شيئاً ورأيت الولد منهم ينفق على الجيش بأكمله ، فموضوع اليوم هو من قبيل الحديث بما رأيت لا بما قرأت ، أسوق لسيادتكم هذه الدروس لعل الله تعالى ينفعنا بها جميعا وينقفذنا من براثن أنفسنا أولاً ثم من براثن الدنيا فالخطر الداهم أولا يأتي من النفس :
1- معنى الغنى معنى قلبي وليس عن كثرة العرض كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو حذت الدنيا كلها ولم تقنع نفسك فأنت أفقر من أي فقير ، هذه السيدة بإلحاح من محاورها أخبرته بمرضها ثم أبت عليه أن تطلب منه شيئا ً وهي لم تتعلم ما تعلمناه ولم تفقه ما فقهناه
2- معنى الصبر هو الصبر الذي لا شكوى معه ، هو الصبر عن طيب نفس ، هو الرضا واللجوء الكامل إلى الله تعالى هذا ما لمسته من حديث هذه السيدة يرحمها الله ، فأحسب أن حديثها من باب حديث القلوب لا من حديث الألسن
3-هذه الحادثة جديرة أن توضع تحت المجهر للتحليل والتدقيق وإستخراج العبر والعظات فدروس الدهر أولى بالوقوف عندها وكما يقول الشافعي رضي الله عنه " كلما أدبني الدهر أراني نقصاً في عقلي وكلما إزددت علماً إزددت يقيناً بجهلي " وأنا أدعوك إلى مراجعة نفسك مراجعة شديد بعد مشاهدة هذا الفيديو وإذا لم تدمع عينيك فاعلم أن فيك خلل كبير وبقلبك قسوة فرغ نفسك لعلاجها ، فمشاهدة أهل البلاء وعيادة المرضى وزيارة الموتى وإتباع الجنائز كلها من مرققات القلوب كما في كلام عائشة رضي الله عنها
4-يأتي الحديث عن الأجل وكما كان علي رضي الله عنه يقول " نعم الحارس الأجل " وكان أبو الدراء يقول " أحب للمؤمن الفقر والمرض والموت " وهذه الثلاثة تمثلت في هذه السيدة - يرحمها الله - ثم جاء الأجل لينهي معاناتها ، وبنهاية الأجل تنتهي رحلة الحياة ويجتمع الجميع عند الله المنعم والمبتلى ولكن شتان بينهما في الأجر والدرجات ، وكان أحد الناس يسير مع بشر بن الحارث الحافي فقال له " يا بشر عشطان ، فقال له نشرب من البئر القادمة ححتى إذا جاءت البئر القادمة قال له يا بشر عطشان ، فقال له نشرب من البئر القادمة ، حتى أنقضت الرحلة ولم يشرب ثم قال له هكذا تنقضي الحياة ، وعرف أحمد بن حنبل رضي الله عنه الزهد فقال " هو طعام دون طعام ولباس دون لباس وإنما هي أيام قلائل ولا تنظر إلى أحوال المترفين وتلمح عواقبهم ، وعلل الناقة بالحدو تسر " والشاهد من كلامه رضي الله عنه هو قوله وإنما هي أيام قلائل
5-أخيراً بحديثها تذكرت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين قالت فاطمة زوجه " دخلت يوما ً على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو واضعاً يده على خده في مصلاه ودموعه تسيل على خديه فقالت ما يبكيك يا عمر ؟ فقال لها " ويحيك يا فاطمة لقد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت ، فتفكرت في الجائع الفقير ، والمريض الضائع ، والعاري المجهود ، واليتيم المكسور ، والأرملة والوحيد والمظلوم المقهور ، والغريب والأسير والشيخ الكبير ، وذي العيال الكثير والمال القليل ، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد ، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم يوم القيامة ، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم ، فخشيت أن لا يثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت
أتركك حضراتكم مع الفيديو وهو موجود على شبكة الإنترنت ومحركات البحث ولا أنسبه لنفسي ولكن مثله لا يضيع دونما تعليق
رابط الموضوع في اليوتيوب بعنوان " لقاء مع أغنى إمرأة في مصر " .