Sunday, October 14, 2012

الفريق سعد الدين الشاذلي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي الأعزاء
بعد طول غياب رأيت أن أعود إليكم من خلال هذه التدوينة التي تتكلم عن الفريق سعد الدين الشاذلي ، ذلك الرجل اللغز صاحب الحياة الذاخرة المملتلئة بالمشاق الصعاب ، ذلك الرجل الذي كان يقود خلال حرب 1967 م ما يعرف بمجموعة الشاذلي التي إستطاع بها الدخول حوالي 5 كليومترات داخل الأراضي الفلسطينية ويحتمي من طيران العدو دون أن يدركه ، ولم يبلغه قرار القيادة المصرية بالإنسحاب فعاد بقواتة بخسائر تقدر بحوالي 25% في الإجمالي العام ، ذلك الرجل الذي قرر السادات توليته رئاسة أركان الجيش المصري ورقاه لدرجة الفريق متخطياً أربعين لواءاً في الأقدمية العسكرية ، العقل المفكر لحرب أكتوبر 1973 م الذي عزله السادات بعد خلافه معه حول موقعة الدفرسوار " الثغرة " بل وقرر محو صورته من جميع التسجيلات والتصويرات الخاصة بالحرب ، وبعد طول عناء يقول الشاذلي " سيأتي اليوم الذي تكرمني فيه مصر لا حاكم " وتشاء إرادة الله أن توافيه المنية يوم 10 نوفمبر 2011 م يوم تنحي حسني مبارك الذي سجنه ثلاثة أعوام بعد أن قرر العودة إلى أرض الوطن ، ويشاء الله أن يأتي تكريمه على يد الدكتور محمد مرسي رئيس جمهورية الثورة المصرية وكأن نبوءة الشاذلي قد تحققت ولكن أتى تكريمه بعد أن اختفى هو ، وكن أقو هكذا العظماء دائما ،،، سيدي الفريق تحية من رجل يعدك مثله الأعلى
وإلى أن نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى
 

Sunday, April 3, 2011

أكذوبة الدولة المدنية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرى شراً يلوح في الأفق في ثنايا ما يسمى بالحوار الوطني وكل الحوارات التي تناولت التعديلات الدستورية أولاً ثم بعد ذلك تناولت الدستور الجديد والجمعية التأسيسية التي سينتخبها مجلس الشعب المنتخب حديثاً بعد ثورة 25 يناير 2011 وكل الحشد الهائل للقوى السياسية العلمانية وكذلك الكنيسة المصرية ورموزها وذلك من أجل الهجوم الشديد على المادة الثانية من دستور 1971 م ، ثم تساءلت عن ما هو المصير لو تم إلغاء هذه المادة ؟؟؟ الإجابة هي أن الدولة ستصير بدون هوية وبدون دين وهو ما يريده التيار العلماني ، ولقد تسمعت إلى مقابلة تلفزيونية لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس وهو يتكلم عن الديمقراطية وقد رفضها صراحة إذا جاءت بالمادة الثانية فقلت في نفسي إن هناك شر محدق بهذا الشعب ، إن العلمانية لم تقدم للدول التي تعلمنت أي شيئ يقول الكاتب الراجل الدكتور فهمي الشناوي عليه رحمة الله في مجلة المختار الإسلامي " لم تقدم للشعوب الأوربية إلا مجموعة من الأكلات - الهامبورجر - والمشروبات أمثال البيبسي كولا و الكوكا كولا وغيرها وأيضاً دمرت الأخلاق تماماً في هذه الدول " ويؤكد رحمه الله أن أمريكا نفسها في نشأتها كانت دولة دينية يقول " كان الجنرال جورج واشنطن رجلاً متديناً وكان لا يقاتل أيام الآحاد وعندما صك الدولار بعد إنتصاره كتب عبارة مازالت موجودة حتى الآن وهي تعني أثق في الله " إن نجيب ساويرس وأشباهه يتشدقون بأنهم أناس ليبراليون علمانيون يريدون دولة علمانية وأنا أرى أن هذا نوع من الخداع لأن المسيحية لا يوجد بها شريعة تحكم وإنما هي تعاليم روحية لذا لا عجب أن تجده يتكلم عن الشريعة الإسلامية ويهاجمها على أنها نوع من التمييز بين أبناء الوطن الواحد ، إن الشريعة الإسلامية قد كفلت للأقباط أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم وذلك في قوله تعالى في سورة المائدة " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الفاسقون " المائدة الآية رقم 47 ، ولو نحينا هذه النقطة جانباً ولم نعول على حديث ساويرس فهو يتكلم من منطلق عقيدته في الأصل رغم إدعاءاته لوقفنا أمام فصيل عريض من العلمانيين علا صوتهم الآن مطالبين بإلغاء المادة الثانية أيضاً وكانت لهم محاولات إبان النظام السابق لإلغاء هذه المادة أيضاً وأود أن أنقل هنا نقلاً لفضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في معرض الكتاب في مناظرة بين الإسلام والعلمانية وقد قسم العلمانيين فيها إلى ثلاثة أقسام فقال " وأما القسم الثالث من العلمانيين فوجدته جريئاً على الله مستهزئاً بالكتاب والسنة " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم ، فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم " سورة محمد الآية 27 ، وكان يناظر الدكتور فؤاد زكريا عميد كلية الآداب جامعة القاهرة ، وبالفعل هذه ليست علمانية وإنما جرأة على الله وإستهزاء بالكتاب والسنة ويقول أيضا رحمه الله في مجلة المختار الإسلامي في تعليق على أحد العلمانيين " غير أنني أعجب من قوم يكرهون الله أشد الكره ويخاصمون الوحي في كل موطن وإذا سمعوا بفتح مسجد كست وجوههم الكراهة وإذا سمعوا بكاتب يحارب الله ورسوله حفوا به كما يحف الذباب بالقذى وعار على الدولة أن تترك هؤلاء ينبحون قافلة الإسلام " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " إنتهى . فمن ثنايا كلا الشيخ رحمه الله يتبين لنا أن مطالب العلمانيين ليست دولة مدنية ولا مواطنة ولكنها :

1- جرأة على الله

2- إستهزاء بالكتاب والسنة

3- مخاصمة للوحي في كل موطن

4- الضيق والضجر من كل ما هو إسلامي " غير خاف على سعادتكم ضيق كل من خيري رمضان وتامر أمين بالصلاة الجماعية والدعاء الجماعي بميدان التحرير " في جمعة الرحيل وما قبلها

5- الإحتفاء والإهتمام بكل ما هو ضد الدين

ثم نأتي إلى الدولة الدينية والدولة المدنية ، لقد درسنا في فلسفة العلوم أن فهم المصطلح ينبغى أن يرجع إلى فهمه عند من نحتوه ، إن الدولة الدينية هي دولة رجال الدين وسطوة الكنيسة وهي كانت تعرف في العصور الوسطى وقت أن كان الفكر الأوربي يعرف بمرحلة الفكر بمقدمات كنسية وكل ما خالف هذا الفكر فهو كفر وهرطقة ويعاقب صاحبه بالقتل أو الحرق وأظهر مثال لهذا هو جاليليو جاليلي الإيطالي وكوبرنيكوس الإنجليزي حيث جاء كل منهما بنظرية علمية تخالف فكر الكنيسة فكان جزاءهما هو القتل ، ثم ضج الفكر الأوربي بسطوة الكنيسة حتى ظهرت العبارة الشهيرة " دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله " وكان هذا إيذاناً بنهاية الدولة الدينية من الوجود ، أما في واقعنا المعاصر فلا توجد الدولة الدينية إلا في دولة الملالي وولاية الفقيه أعني بذلك إيران وهذا عند الشيعة وحدهم ، أما عند أهل السنة فالأحذق هو الأولى بالولاية وهذا عندما سؤل شيخ الإسلام بن تيمية رضي الله عنه " هل يولى الأحذق أم الأتقى ؟؟؟؟ فأجاب رضي الله عنه أما الأتقى فتقاه لنفسه وأما الأحذق فحذقه للمسلمين "" وعلى هذا فالولاية عند أهل السنة هي للأحذق وليست لللأتقى ، أما مصطلح الدولة المدنية فهي في مصطلح العلمانيين هي الدولة المنسلخة عن الدين التي لا دخل للدين فيها إلا في أيام الآحاد وفقط ، إذا هذا هو المفهوم عند من نحتوه ، أما مصطلح الدولة المدنية عند المسلمين وتحديداً عند أصحاب الفكر السياسي منهم فهي دولة القانون والدولة المؤسسة على سيادة القانون والمؤسسات المدنية ، ولا بد أن يكون هذا القانون موافقاً لشرع الله تعالى أما إذا خالفه فهو مهدر ولا إعتبار له ، يتضح من ما سبق أن هناك خلاف كبير في المفهوم بين مصطلح الدولة المدنية عند العلمانيين ومصطلح الدولة المدنية عند أصحاب الفكر السياسي الإسلامي وأعتقد أنه لا إلتقاء بينهما ، ويتضح من هذا أن الدولة المدنية عند العلمانيين لا تعني إلا دولة كافرة بالدين جاحدة له حاصرة إياه في بعض الطقوس وبعض الأيام وهذا إختزال مجحف لشريعتنا وسنة نبينا ، إن قبول الإسلاميين بهذا الأمر فضلاً عن أنه ضياع للدين فهو ضياع لجهاد عقود من العمل الإسلامي وردة للوراء ، إن سلخ الأمة من هويتها وجعلها بلا دين جريمة عظمى ستجني ثمارها الأجيال القادمة وليس نحن ، ولو تأملنا التجربة التركية التي يتشدقون بها من جورج بوش إلى الفكر الأوربي لوجدنا أن رئيس الوزراء الراحل عدنان مندريس قتل لإعلان الأذان في العاصمة وقد هدد الراحل نجم الدين أربيكان بالإنقلاب العسكري نظراً لتوجهاته الإسلامية ، وعلمانية الدولة كيان لا يمس وهناك هيئة كبرى تقوم على حراسة المنهج العلماني لتركيا الحديثة تسمى مجلس الأمن القومي وكله من جنرالات الجيش والعسكر ، هل هي هذه الحالة التي ننشدها ؟؟؟ أقول وأتساءل سؤالاً هاماً : هل جاءت ثورة 25 يناي لتنحي نظام حسني مبارك وترسي قواعد العلمانية في مصر ؟؟؟؟ إن الدولة العلمانية دولة شديدة التطرف ضد الإتجاهات الدينية عامة والدين الإسلامي خاصة وإذا أردت دليلاً دعني أسأل ألم تقم فرنسا العلمانية بمنع الحجاب بالمدارس ؟؟؟؟ ألم تقم سويسرا بحظر رفع الأذان وبناء المساجد ؟؟؟ ألم تهاجم بريطانيا وتحظر بناء المساجد ، لقد ثارت في نفسي شكوك كثيرة حول هذه الثورة وكيف أنها بلا هوية !!!! فلو قام بها فصيل واحد لإستطاع أن يفرض هويته أما هذه الثورة فقد قام بها شركاء متشاكسون جمعهم عداء النظام السابق وعدوانه عليهم ، أوجه نظر الأمة أن هويتها ودينها خط أحمر لا يقبل التخطي ولا التجاوز ، لقد عاشت مصر أربعة عشر قرناً من الزمان مسلمة الديانة وعاش فيها المسيحيون مواطنون مصريون على السواء مع المسلمين ولا أعلم لماذا ثارت هذه النعرة التمييزية في هذا الحين بالذات ؟؟؟

توصية :

1- يجب على الكتاب الإسلاميين أن يكتبوا ويبحثوا في أهمية الشريعة الإسلامية ويعلموا الناس إياها وأهميتها

2- يجب أن يكون الحوار بعيداً عن التسييس والخلط بين الديني والسياسي حتى يتميز الخبيث من الطيب

3- يجب كشف العلمانيين وتوضيح حيلهم للناس حتى يتبين الناس حقيقة أمرهم وحقيقة مطالبهم

مرفق ملفين فيديو للإطلاع عليهما للأهمية

الفيديو الأول


الفيديو الثاني


نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Saturday, March 26, 2011

جماعات الإسلام السياسي بعد ثورة 25 يناير تحديات وتطلعات ؟؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غير خاف على الجميع أن المناخ الذي تعيشه الحركة الوطنية المصرية والحركة الإسلامية تحديداً بعد ثورة 25 يناير مناخ جديد بكل ما تحمله الكلمة من معنى غير أن الأمر لابد أن ينظر إليه نظرة أعمق من مجرد إستنشاق أنفاس الحرية وطرح أغلال الظلم ونير الإستعباد حيث كانت جميع القوى الوطنية مكممة الأفواه محجمة القدرات مقلمة الأظافر تعلب في نطاق محدود نطاق ما تسمح به قوى الحزب الحاكم اللاعب الوحيد والرئيس في الفترة الماضية أنذاك ، أما الحركات الإسلامية فالوضع بالنسبة لها أعمق من التكميم حيث كانت تعاني من الإبعاد والتشويه والإقصاء بل حتى محاولات لإفناء من الوجود أصلاً بطرق مشروعة وغير مشروعة ، ولا نسطيع أن نسميها بالحركة الإسلامية الواحدة حيث أنها ذات أطياف مختلفة نوضحها كما يلي :
1- طيف كان يرى أن العمل السياسي رجس من عمل الشيطان وأن نزول الإسلاميين إلى إنتخابات مجلس الشعب حرام وأنه مجلس شركي وإشتراك في الحكم بغير ما أنزل الله وهذا الرأي كان يتبناه التيار السلفي ومن أراد دليلاُ فليراجع كتابات التيار السلفي خلال إنتخابات مجلس الشعب في الأعوام 1987 م و 1990 م و 1995 م وحتى يكون الكلام فيه نوع من الإنصاف لابد أن نذكر أن التيار السلفي ذاته ليس مدرسة فكرية متوحدة بل داخله أطياف عدة فالتيار السلفي في الإسكندرية كان يرى أن الإشتراك في الإنتخابات حرام شرعاً ومن أراد دليلاً فليراجع كتابات د / محمد إسماعيل المقدم وشريطه التوحيد أولاً أما التيار السلفي في دمنهور فكان يرى بجواز ترشيح من يحمل الفكرة الإسلامية والبعض الآخر منهم كان يرى بإعتزال الإنتخابات على أنها عمل ليس من ورائه طائل ، ومن عجيب الأمر أن التيار السلفي فجأة وبلا مقدمات إقتنع بالعمل السياسي بعد ثورة يناير 2011 وكونوا حزباً على الفور وأنا أرى أن تكوينهم الحزب من باب حتى لا تسبقهم الأحداث وحتى لا يكونون بمعزل عنها غير أنهم دخلوا في السياسة مفتقدين للسياسة ذاتها ولمهارة الخطاب السياسي مما يجعل تصريحاتهم تسيئ وتحسب على الحركة الإسلامية ككل ( أعني بذلك تصريحات الشيخ / محمد حسين يعقوب عن غزوة الصنايق ومن لم يقل نعم فليبحث له عن وطن آخر ) هذا مع جليل إحترامنا وتقديرنا للتيار السلفي ورموزه
2-طيف كان يرى بكفر الحاكم وضرورة تغييره بالقوة وإسقاط نظامه وهدر دمه - أعني بذلك تنظيم الجهاد وتحديداً عبود الزمر ومجموعته - والمفاجأة ان هذا التيار أيضاً ليس فصيلاً واحدا فكما هو معروف أن الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد فكر واحد مع إختلاف بسيط في الآليات التربوية والتعبوية إلا أنهما لا يصنفان ضمن تصنيف الإسلام السياسي ، وكما هو معروف أن الجماعة الإسلامية وما حدث من مراجعات لقياداتها في سجون النظام البائد قد رجعت عن فكرة تبني العنف أما عبود الزمر ومجموعته وكما ظهر من تصريحاته بعد خروجه من السجن أن الفكرة ما زالت مطروحة إذا لم توجد آلية لتقويم الحاكم ، هذا الطيف أيضاً رأي في ظلال ثورة 25 يناير أن يكون حزباً وهذا الطيف أيضاً لا خبرة له في العمل السياسي ولم يشترك فيه من ذي قبل مما يعني إفتقاده لما إفتقده الطيف الأول بل ربما أشد
3- طيف لم يكن يعير الإنتخابات أدنى إهتمام وكان يرى ما يراه الحاكم وأن البيعة له واجبه وانه أمير المؤمنين وما إلى ذلك من هذه التصورات التي يغايرها الواقع أعني بهذا الطيف هم الصوفيون وهذا الفصيل إذا كان الفصيلان الأوليان دخلاء على العملية السياسية فهذا أشد دخلاً لأن نظرته للإسلام لا تعدو كونه مجموعة من الطقوس والترانيم والجلسات لا أبعد أما عن كونه منهج حياه فعندهم من يرى هذا الأمر فقد أبعد وأغرب وهرب إلى غير مهرب
4- طيف رأى من نشأته بأن الإسلام دين شامل يشمل كل مظاهر الحياة جميعاً وأن الإنتخابات أسلوب من أساليب الإصلاح السياسي هؤلاء هم الإخوان المسلمون وهم أصحاب خبرة في العملية السياسية منذ أيام الإمام حسن البنا وهم أصحاب رؤية واضحة وخبرة طويلة في هذا المجال وهم كانوا يشتركون في الإنتخابات وقت أن كانت أطياف الحركة الإسلامية الأخرى تعيب عليهم هذا الأمر وهم يملكون من الكوادر والطاقات ما يمكنهم من الإشتراك القوي في المرحلة القادمة
5- طيف إنفصل عن الطيف السابق وهم وطلبوا تكوين حزب في ظل النظام السابق غير أنهم لم يسمح لهم أعني بذلك حزب الوسط ومؤسسه المهندس أبو العلا ماضي وهذا الطيف لا يرى له وجوداً إلا في ظل مهاجمة الطيف السابق بمعنى أن نظرية ظهوره مبنية على القدح في الطيف السابق أما هو فالتشكك كبير في قدراته من حيث الطاقات والقدرات والإمكانيات
هذا التقسيم ليس من هدفه ترجيح فصيل على فصيل وإنما إبراز أن الحركة الإسلامية ليس فصيلاً واحداً إنما أطياف متعددة وهذا من شانه أن ينقلنا إلى الحديث عن التحديات التي تواجهها جماعات الإسلام السياسي نبينها فيما يلي :
1- أوضحنا وأبرزنا أن جميع الأطياف ( عدا الإخوان المسلمون ) السابقة ليس لها الخبرة السياسية ولا تمتلك مهارة الخطاب السياسي مما يعني أنه في حالة التنافس الإنتخابي فمن الوارد أن تقع تجاوزات في طريقة الدعاية والخطاب الجماهيري بل وربما نصل إلى تخطيئ بعضهم البعض وفكرة إحتكار الحقيقة والفكر الإقصائي الأحادي بل وربما يصل الأمر إلى درجة إتهام البعض بالتفريط والترخص بل والتكفير إذا إحتدم الخلاف
2- من المعلوم أن بعض قوانين العلوم الإجتماعية تنطبق على حياة الناس وتسري سرياناً حتمياً ففي علم الإقتصاد مثلاً قانوناً يقضي بأن النقد الردئ يطرد النقد الجيد من التداول " وحتي يفهم غير المختصون بهذا العلم هذا القانون نبسطه بعض الشيئ حيث كان الناس يتداولون الذهب كنقد ويتداولون معه معدن آخر كنقد فالذهب هو النقد الجيد والآخر هو الردئ ، فكان الناس لثقتهم في الذهب يدخرونه ويتداولون المعدن الآخر حتي ينسحب الذهب من التداول ويبقى النقد الردئ ، فإذا سرى هذا القانون على الحياة السايسية المصرية بعد ثورة 25 يناير فمن الممكن أن يؤدي تزاحم الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية - وهي أحزاب ناشئة تبحث لنفسها عن مؤطئ قدم - مع الجماعة الأم إلى إقصائها من الحياة السياسية أو حتى على الأقل إضعاف تمثيلها ، وقد كان النظام المصري السابق يدرس بتخوف شديد إستخدام حزب الوسط كبديل إسلامي عن جماعة الإخوان المسلمين
3- غير خاف أن الإخوان المسلمون كانوا هم أصحاب الطرح الإسلامي الوحيد في الحياة السياسية أما بعد تكون هذه الأحزاب وكلها ذات مرجعية دينية فمن المتوقع أن يتم تفتيت الكتلة التصويتية التي كانت تذهب للإخوان المسلمين بحكم أنهم أصحاب الطرح الإسلامي الوحيد في ضوء التحليل السابق أرى أن هذا التشكيل للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية يلقي تبعات ثقيلة على كاهل الجماعة الأم من حيث وجوب تطوير طريقة الخطاب الجماهيري وطريقة الربط العام والكتلة التصويتية وفي الجملة لابد من تقديم نفسها في طور جديد يتواكب مع فكر الثورة ومع اللاعبين الجدد في الساحة الساسية
4- بإفتراض أنه في إنتخابات حرة جاء أحد هذه الإحزاب إلى سدة الحكم وهم جميعهم لا يملكون برنامج عمل واضح يمكن تطبيقه في حال وصولهم إلى الحكم وعن كيفية تطبيق الإسلام كمنهج حكم مما يعني أن هذه الأحزاب تكونت قبل أن تتكون رؤاها
5- فكرة نشوء هذه الأحزاب في حد ذاتها تحد واضح لبعضها البعض فالخلاف بين من يحملون نفس المرجعية قد يجعله مطعناً في المرجعية ذاتها عند أصحاب الإتجاه الآخر - العلمانيين - بل وعند رجل الشارع العادي حيث من الممكن أن يؤدي تناحر أصحاب المرجعية الواحدة إلى تشكك الناخب في مصداقية ما يدعون إليه من مبادئ أضف إلى ذلك أن هذه الأحزاب ذات المرجعية الواحدة لم تتفق فيما بينها على آليات عمل أو حتى على أدبيات خلاف
6- من الممكن أن تستخدم هذه الفرقة بين أصحاب المرجعية الواحدة من أصحاب الميكافيلية السياسية إلى تدمير هذه الأحزاب بعضها بعضاً والقضاء عليها الواحد تلو الآخر وقد أشرنا إلى محاولة النظام المصري السابق
7- فكرة الفصل بين ما هو دعوي وما هو سياسي مازالت غير واضحة حتى الآن من حيث خضوع حزب العدالة و الحرية وهو حزب جماعة الإخوان المسلمون ، عن مدى خضوع هذا الحزب للجماعة من حيث كنها جماعة دينية تتبنى الإسلام كمنهج والتربية كأسلوب عمل ، وما هي الآليات التي تضمن عدم حيود هذا الحزب عن خط الجماعة ، وهل من الممكن أن يتولى أحد غير المسلمين أو أحد غير الإخوان المسلمين لرئاسة هذا الحزب كل هذه الأمور لا بد أن تطرح وتعلن للناس حتى يكونوا على بينة من أمرهم
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Friday, January 28, 2011

سقوط الباستيل .. أطروحات وتساؤلات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحكم الثوار حصارهم حول سجن " الباستيد " ثم قصفوا أسواره بالمدافع ، وعلى صعيد آخر خرج أساتذة وطلاب الجامعات شارحي صدورهم لرصاص الشرطة الفرنسية ، فكان هذا هو المسمار الأخير في نعش لويس السادس عشر ، وكان ذلك إيذاناً بسوقه هو وزوجته ماري أنطوانيت إلى المقصلة ، كان هذا نقلاً من أدبيات الثورة الفرنسية وكيف إندلعت ، لقد أصبحت هذه الأشياء أعلاماً فيما بعد أصبح لويس علماً على كل حاكم ظالم وأصبح الباستيد أو الباستيل كما عرف تحريفاً فيما بعد علماً على كل أداة قمع في يد كل لويس أو في يد كل ظالم وأصبحت الثورة الفرنسية علماً على كل الثورات التي كبحت الشمولية والتجبر والظلم ولكن كم في واقعنا من باستيد وكم في واقعنا من لويس وكم في واقعنا من ثورة يجب أن تقوم ،، نحاول في هذا المقال أن نلقي ضوءاً على الأحداث المتصاعدة إعتباراً من يوم 25 يناير وحتى جمعة الغضب 28 يناير 2011 مستلهمين الأحداث التاريخية ومستجمعين المواقف بعضها إلى بعض :
1- لقد أغفل لويس غضب الجماهير وتناساها وكأنه لم يعلم بها أو يسمع عنها وكانت عبارة زوجته " ماري أنطوانيت " الشهيرة عن أكل البسكويت بدلاً من الخبز عندما سألت عن سبب ثورة الجماهير فقالوا لها أن سبب الثورة هو الخبز ، فكان من جراء غفلته أو تغافله أو كبره أن أطاح به الجمهور وقاده وزوجته إلى المقصلة ، إن خطاب الرئيس المصري يشبه إلى حد بعيد خطاب الرئيس زين العابدين بن علي قبل الفرار وإن موقف الجيش المصري في التدخل في الأزمة يشبه إلى حد كبير موقف الجيش التونسي فهل تكون النتائج متطابقة هذا ما ستسفرعنه الساعات القادمة
2- نتائج الأحداث وما تؤول إليه الأمور يجب أن ينظر إليها بعين الإعتبار، فالناظر بعين الإعتبار إلى الأحداث الجارية يرى أن المتظاهرين كل ما طالبوا به هو خلع النظام ولم يملكوا أجندة بديلة ، إن المتظاهرين خرجوا تحت ضغط القمع الذي تعرضوا له على مدار ثلاثين عاماً كاملة فتصدوا لقوات الأمن دون هيبة ، أعترف صراحة لقد فوجئت بهذه الجموع الغاضبة التي جعلت جحافل الأمن المركزي تفر أمامها وأيضاً بجموع الأمن المركزي التي لم تطلق النار على المتظاهرين لقد خرج الجماهير فأطاحوا بكل " باستيل " أمامهم أحرقوا مباني الحزب الوطني في جميع المحافظات تقريباً ودمروا أقسام البوليس ومباحث أمن الدولة ، كل ما كان رمزاً للقمع والقهر دمروه ثم ماذا بعد ؟؟؟ لا أحد يستطيع الإجابة على هذا السؤال ، إن الجماهير لا توجد لها قيادة واضحة بل هي مجرد حركات غاضبة أطاحت بكل ما أمامها من رموز القمع والقهر
3- التدخل الخارجي نقطة لا بد من النظر إليها بعين الإعتبار فمنشأ الأحداث عن طريق شبكة الإنترنت والفيس بوك وتويتر ومن المعلوم أن هذه الشبكات الغالبية العظمى ممن يكتبون فيها يكتبون بأسماء مستعارة ، شخصياتهم غير معرفة ، ومن الممكن أن تكون الشائعات والأكاذيب شرارة لثورة تأكل الأخضر واليابس ، لقد قتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بسبب الإشاعات التي أطلقها اليهودي عبد الله بن سبأ عبر الأمصار ، أعرف أن البون كبير بين عثمان رضي الله عنه وحكام اليوم غير أن البون ليس كبيراً بين عبد الله بن سبأ وشبكات الإنترنت وما يتم تناقله من أخبار، فالتدخل كما يمكن أن يكون في منشأ الأحداث أيضاً يمكن أن يكون في ما تؤول إليه الأحداث ، فبفرض أن الشعب إستطاع إسقاط النظام هل سترضى القوى الخارجية عن الحكومة التي ستأتي ؟؟؟ ، وماذا إذا كانت هذه الحكومة لها توجهات معادية للصهوينية والسامية هل سيرضى به المجتمع الدولي ؟؟؟
4- إذا إستطاع الشعب فرض رؤيته وإسقاط النظام وجاءت قيادة أخرى ما هي الضمانات التي تكفل بألا تجنح هذه القيادة الجديدة إلى الإستبداد مرة أخرى ؟؟؟ لقد جاءت الثورة الفرنسية بشعارات " الحرية والإخاء والمساواة " وجاءت بالنظام الجمهوري وجاءت بـ " مارا روباسبير " وكل ما حدث هو تبدل في الأسماء دون المسميات فقد تبدل لويس بروباسبير وتبدلت الملكية بالجمهورية وتبدل الباستيل بالمقصلة وبقى الظلم والإستباد كما هو حتى أعاد نابليون بونابرت الحكم إلى الأسلوب الإمبراطوري مرة أخرى ، كان الأستاذ الدكتور / محمد طه بدوي أستاذ كرسي العلوم السياسية بجامعات جمهورية مصر العربية رحمه الله يقول " إن ثمة تجربة خالدة تقطع أنه ما من إنسان يتولى سلطة إلا وتدلى بها إلى الإستبداد " ذلك تلخيص للتجربة الإنسانية على شكل تعميم ، إن الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه بعدما قتلوه جعلوا يبحثون عن خليفة حتى يصلحوا ما أفسدوا ، أقول هذا لأوضح أن وجود الحاكم والنظام حتى وإن كان مستبداً خير من حالة الفراغ السياسي الذي تأتي بعد إسقاط النظام عن طريق الثوارات ، إن المستقرئ لتاريخ الثورات يرى وخصوصاً في العالم العربي يرى أنها لم تأت بخير فقد إستبدل الملك فاروق بمجلس قيادة الثورة ثم جمال عبد الناصر وهكذا في ثورة اليمن والجزائر وليبا و كل الأقطار بقي القهر والقمع وتغيرت الصور
5- يجب أن تظهر النخبة في الساحة وأن يكون خطابها واضحاً حيث أنه إلى الآن لم تظهر قيادة لحركة المتظاهرين والمحتجين ، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو ماذا لو طلبت الحكومة الحالية قيادة للجماهير حتى تتفاوض معها ؟؟؟ ماذا لو سقط النظام وأصبح لزاماً تكوين حكومة وفاق وطني كيف ستتكون هذه الحكومة ؟؟؟؟
6- إذا تمت الدعوة إلى إنتخابات حرة لإختيار رئيس جمهورية ما هي الضمانات الكفيلة بإجراء إنتخابات حرة ؟؟؟ إن ثقافة التزوير قد ضربت اطنابها في هذا الشعب حتى صار التزوير علماً على الإنتخابات وليس على العكس ، إن القتلى يسقطون في إنتخابات مجلس شعب فما بالك بإنتخابات لإختيار رئيس للجمهورية ؟؟ إن صندوق الإنتخابات عندنا قد خرج من الخدمة وأحيل لسن التقاعد من أعوام كما أن الأمر قد يأخذ وقتاً طويلاً حتى يتم دعوة الموتى لحضور الإنتخابات كالعادة ، ذلك امر تكتنفه ظلال من الشك
7- غير خاف على القاصي والداني أسلوب الفوضى الخلاقة وما أنتجه من نماذج فدولة العراق إلى الحين لم تتعافى ولم تصل إلى أسوأ صورها في عهد صدام حسين ، كما أن التونسين إلى الآن مازالوا في مرحلة تجميع الشعث ولم الشمل وظهرت مرة أخرى نفس المشاهد التي ظهرت بعد سقوط نظام صدام حسين من سلب ونهب
8- يبقى آخر ما يبقى من مشاهد يوم 25 يناير وجمعة الغضب 28 يناير هو سقوط نظام الظلم وآلته الباطشة ، أنه درس قوي لكل من إحتمى بهذه الآلة ، لقد هربت جحافل الأمن المركزي أمام هدير الجماهير الغاضبة وتركت كل من القاهرة والإسكندرية والسويس ودمنهور تحت سيطرة الجماهير ، يقول أبو الحسن الندوي " إن زوال الظالمين نعمة تستحق الشكر " وذلك تعليقاً على قوله تعالى " فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " سورة الأنعام
9- لا يفهم من المقال أنه تكريس لثقافة الإستبداد والظلم وتأييد لكل حاكم ظالم بل هو دعوة للتعقل والروية والنظر للأمور بمآلاتها حتى لا نكون آلة في يد قوى خارجية تحركنا من حيث لا نعلم ولا ندري
10- يبقى الدرس الأخير الذي يجب أن يعلمه كل ديكتاتور أن الذين ثاروا في مظاهرات يناير هم شباب صغير ولد في الثلاثين عاما الماضية وليست قوى الإخوان المسلمين كما أذاعت الداخلية ، هم شباب وشابات الفيس بوك والإنترنت ، هذا يعني أن المستقبل يرفض هذه الطغمة الحاكمة ورموزها المهترئة ، إن الذين ثاروا ليس لهم توجهات دينية كما تسعى الحكومة أن تعزو هذه الإنتفاضة إلى فزاعتها القديمة
مهما كانت مآلات الأمور لقد إستطاع هذه الشعب إن يكسر نير الظلم وأن يطيح بالباستيل وستبقى صور الشاب الذي إستوقف المدرعة في مظاهرة القصر العيني والذي إعتلى المدرعة ليوقف مدفع المياة وكل آلاف الأنوف التي إستنشقت غاز الأمن المركزي وقبلهم كل الشهداء الذين سقطوا من جراء رصاصات الأمن المركزي الغاشمة محفورة في ذاكرة الزمان " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " سورة يوسف
إلى اللقاء في مرة قادمة بإذن الله تعالى

Sunday, November 21, 2010

طحن الطحين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعرف أن هذا المقال ربما يعد خروجاً عن المألوف ومخالفة لقواعد متعارف عليها وأعرف أيضا أنه ربما يحدث دوياً وصدمة لبعض القراء وذلك إذا قدر له أن يرى النور وينشر غير أنني أود أن أثبت أنه ليس نوعاً من التنازل والخور ولكنه محاولة لمناقشة بعض الأمور التي باتت عند الكثير من المسلمات غير أنها لو أخضعت للمراجعة والبحث المنطقي لتبين أنها غير ذلك ، نهدف في هذا المقال إلى بحث الإنتخابات كوسيلة للتغيير ووسيلة دعوية محاولين تقديم حساب أرباح وخسائر لهذه الوسيلة - وأقول الوسيلة - وذلك لأنها ليست غاية في حد ذاتها ، نقول وبالله التوفيق أن الإنتخابات كوسيلة دعوية ووسيلة للتغيير ينتابها كثير من العوار الذي يحدو بنا إلى إعادة تقييمها وإذا كان هناك إنصات لما تخرج بها نتائج البحث فلربما أطحنا بها في الهواء إلى غير رجعة .
أولا : الإنتخابات كوسيلة دعوية :
1- الإنتخابات كوسيلة دعوية إستنفذت أغراضها
كثير من الدعاة يرى أن الإنتخابات وسيلة دعوية هامة لطرح فكرة الإسلام الشاملة التي تشمل كل مظاهر الحياة جميعاً بما في ذلك الحكم والسياسة وإيصال ذلك الخطاب إلى العامة وجمهور الناس ، وتاريخياً كان هذا الخطاب ذا رواج شديد عند الناس إعتباراً من إنتخابات عام 1987 م وكان ذلك بداية ميلاد شعار " الإسلام هو الحل " ثم تعاقبت بعد ذلك الإنتخابات وكانت القرارات والقضايا التي رفعت من أجل إقصاء هذا الشعار عن الوجود في العملية الإنتخابية بل ربما أراد مناهضوه إقصاءه من الحياة العامة كلها، أقول إن الإنتخابات كوسيلة دعوية قد حققت إهدافها وإستنفذت أغراضها لذا وجب على الحركة الإسلامية البحث عن وسيلة أخرى تؤدي هذا الغرض بل وأقول أننا في هذا لمجال يجب أن نكون متعددي الوسائل والتي تخدم هذا الهدف
2-المنع والتضييق على هذه الوسيلة بما يحد من قيمتها
غير خاف على القاصي والداني ما يرى من منع كافة وسائل الإتصال بالناس مثل :
- مصادرة المطبوعات
-عرقلة المسيرات الإنتخابية
-منع المؤتمرات الإنتخابية على مرشحي الحركة الإسلامية وحرمانهم من أهم وسيلة للإتصال الفعال بالجماهير
-الإعتقالات والمنع والتضييق لأنصار المرشح وتضييق دوائر الأتصال بالناس
-حرمان مرشحي الصوت الإسلامي من كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة وفي المقابل الحملة الإعلامية المضادة القوية عليهم
من هذا نرى أن الإتصال الفعال بالناس خلال الحملة الإنتخابية لإيصال الفكرة الإسلامية والتي هي الهدف الأسمى من هذه الوسيلة يكون في أضيق نطاق أو في حدود ما تسمح به آلية النظام المصري فإن قال قائل فما تم تحقيقه من نتائج سابقة كنتيجة إنتخابات عام 2005 وعام 2000 كيف كان إذا ؟؟؟ يكون الرد أن ما تم تحقيقه بفضل الله أولا ثم كان رد فعل القمع والتغييب بالسجون لأنصار المرشحين مما أحدث معه موجة عارمة من التعاطف كانت كفيلة بالإطاحة بمرشحين النظام ككل
ثانياً : الإنتخابات كوسيلة للتغيير
من يظن أن التغيير قادم من خلال صندوق الإنتخابات فهو واهم بل هو سادر في غفلته والتحليل العقلي ونتائج الواقع تؤيد ذلك ، أقول إن الإنتخابات كوسيلة للتغيير يشوبها كثير من العوار للأسباب التالية :
1-هذه الوسيلة في كافة مراحلها تضمن وتكفل لواضيعها التدخل لتعديل النتيجة كما تقتضي أهواءهم فلو إستغرضنا كافة العملية الإنتخابية سنرى أنها كما يلي :
-قبول أوراق المرشحين :
هذه لا تعتبر من مراحل العملية الإنتخابية إلا أنها سابقة عليها وغير خاف عن المتابعين أنه يتم منع مرشحي الصوت الإسلامي من تقديم أوراقهم بكافة الوسائل بما في ذلك تعقييد الإجراءات ومروراً بالطوابير الوهمية إلى ما يستحدث من وسائل جديدة تتفتق عنها قريحة النظام المصري
-اللجان الإنتخابية :
عدم إعطاء مرشحي الصوت الإسلامي توكيلات عامة وخاصة للمندوبين التابعين لهم بل وطرد وإعتقال المندوبين وتغييب كافة مؤسسات المجتمع المدني والمراقبين عن متابعة ومراقبة سير عميلة الإنتخابات
-مرحلة الفرز :
فإذا سارت العملية الإنتخابية كما ينبغي في كافة مراحلهايتم التزوير في هذه المرحلة بل أقول إن التزوير في هذه المرحلة - كما حدث في إنتخابات دائرة دمنهور وزاوية غزال عام 2005 - هو أخطر عمليات التزوير وذلك لأن كل المراحل السابقة عليه تمت كما ينبغي ثم يأتي التزوير فيسرق ما قد تم مما يعني سرقة جهد وتعب وفرحة وأمل الذين شاركوا في العملية الإنتخابية
-الإشراف القضائي على العملية الإنتخابية
كان الحكم التاريخي الصادر من المحكمة الدستورية العليا بقاضي لكل صندوق بارقة أمل وحصن حماية لآمال الناخبين وقد برهنت التجربة على صدق هذا الأمل في إنتخابات عام 2000 م ثم جاءت الهجمة الإقصائية على القضاء وحصره بدعوى السمو بمكانة القاضي ورفعه عن أن يكون في لجنة فرعية وما إلى ذلك من كافة الدعاوى الحكومية التي تم الترويج لها فجاء التعديل بأن القاضي وجوده في اللجنة العامة وليس في اللجان الفرعية مفسحاً المجال للمزوريين وأذنابهم حتى يرتعوا ويمرحوا
-إعلان النتيجة عن طريق اللجنة العامة للإنتخابات
وهذه المرحلة أيضاً من الخطورة بمكان حيث يتم تجميع النتيجة على مستوى الدولة ككل وتولي إعلانها عن طريق وزارة الداخلية وقد شهدت إنتخابات عام 1987 م تصريحاً مضحكاً لوزير الداخلية الراحل زكي بدر " وإن إرتفاع نسبة تمثيل المعارضة لهي دليل على نزاهة الإنتخابات " والذي حضروا هذه المرحلة يتذكروا أن هناك مرشحين قد نجحوا فعلاً وتم إقصاؤهم وإستبعادهم لأسباب مجهولة
من إحصاء هذه المراحل نرى أن خروج العملية الإنتخابية بشكل نزيه لا يتم إلا إذا كان القائمون عليهاصديقون أو قوم أطهار طهارة فوق طهارة البشر
2-الخصم والحكم في هذه العملية هو شخص واحد حيث تتولى وزارة الداخلية الخاضعة للحزب الوطني متابعة العملية من أولها إلى آخرها وكيف يتصور أن يكتب أحد الناس نعيه بيده
3-الإنتخابات آلية لبرالية أو خاصة بالنظرية الديمقراطية والبون بينها وبين النظرية الإسلامية بون شديد وذلك لأن :
-فكرة المجالس النيابية فكرة مستحدثة لم تكن على عهد الدولة الإسلامية الأولى وإن قال قائل أن طريقة الحكم ليست وحياً وإنما هي إجتهاد ومن حق الناس أن يجتهدوا وفق القواعد الإسلامية حسب مقتضيات كل عصر نقول أننا تلقفنا هذه الآلية دون بحثها وتمحيصها ومن قال أن الناخب العامي الجاهل الغير متعلم يملك حق تقرير من ينوب عنه أو حق تقرير من يحكمه وهذه نقطة غاية في الخطورة ، إن إختيار الحاكم في الدولة الأولى كان يتم عن طريق أهل الحل والعقد الذين يختارون من يحكم ثم يجمعون له البيعة من الأمصار أما الأختيار بهذه الطريقة فهناك تحفظ شديد عليها
- إن المواطن البسيط يملك من الضغوط والمشاكل ما يكفي لتحيز قراره وإنحرافه وقد قال الفقهاء " لا يحكم القاضي وهو جوعان ولا يحكم القاضي وهو غضبان " فما بالك بهذا المواطن وهذا الشعب الذي يعيش أكثر من 60% منه تحت خط الفقر فهو بالدليل جوعان وغضبان وسيأتي بأي أحد يطعمه ويسد فقره أياً كان هذا الأحد نكاية في الحزب الوطني
-ماذا لو جاءت نظرية الديمقراطية عن طريق آليتها الإنتخابية بأحد من الشواذ أو دعاة الفساد هل نتقبله إحتراماً لإرادة الشعب ؟؟؟؟ إن الذين دندنواحول الديمقراطية والإنتخابات ضاقوا بها ذرعاً عندما جاءت بالإسلاميين حتى أن الكاتب محمد سلماوي عقب إنتخابات 2005 قال في مقابلة تلفزيونية له بالتلفزيون المصري " إننا كمثل رجل تعلم سواقة سيارة ثم ساقها فكادت أن تؤدي به إلى هلاكه " مشيراً بذلك إلى نجاح كم كبير من مرشحي جماعة الإخوان المسلمين فماذا لو تبادلنا المقاعد بمعنى أن جاءت هذه الإنتخابات بأحد المخالفين للشريعة الإسلامية
-من المعروف إن نظرية الأغلبية هذه تخضع للعرف العام وإتجاهات الناس وليست الكثرة والأغلبية ممدوحة على الإطلاق في الشريعة الإسلامية بل قد ذمها القرآن في غير موضع " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " وفي المقابل مدح القلة وأثنى " وقليل من عبادي الشكور " " وقليل ما هم " بمعنى أن فكرة الفوز على أساس الأكثرية والهزيمة على أساس الأقلية فكرة تحتاج إلى نظر وقياس من وجهة نظر القرآن والسنة فليس كل كثرة خير أو صلاح وليس كل قلة شر أو فساد
4-إن أعلى الدول ديمقراطية وحرية للرأي لم تسلم من التزوير في الإنتخابات والشاهد على ذلك الإنتخابات الرئاسية الأمريكية حيث تم فيها التزوير لصالح جورج بوش الإبن
5-ليس من المعقول وضع شرع الله ومنهجه محل إختيار وإقتراع عند العامة قبلوه أم رفضوه فالناس عبيد لله محكومين بشرعه وليسوا مختاريين فيه ، ثم الإشكالية الكبرى إذا سقط مرشحو التيار الإسلامي في إنتخابات حرة نزيهة - هذا جدلاً- السؤال هنا هم الذين سقطوا أم الفكرة ؟؟؟ وكثير منا نحن وليس من العامة يتعامل على أن الرجل - المرشح - هو الفكرةوالفكرة هو، وهل نستطيع قبول فكرة رفض منهج الله وشريعته في إنتخابات حرة !!!!!!!أقول إن الناس محكومين بشريعة الله وليسوا مختاريين
6-طريقة الدعاية الإنتخابية والخطاب الجماهيري طريقة برجماتية مع الفارق في أسلوب كل فريق حيث يلجأ فريق إلى إعطاء الناخبين نقوداً وعطايا مادية وفريق آخر يلجأ إلى مخاطبة جمهور الفقراء بوعود إنتخابية بعضها لا يمكن تنفيذها والبعض الآخر هي من قبيل الأماني أو يحال بينه وبين تطبيقها ومخاطبة الناس عن مشاكل عامة تخص الدين والمجتمع بينما هم غارقون في مشاكلهم الشخصية وكلا الأسلوبين يهدف إلى نتيجة واحدة هذا يهدف إلى الحصول على الصوت الإنتخابي طواعية مستغلاً حاجة الناخب وهذا يهدف إلى الحصول على الصوت الإنتخابي تحت تأثير المشاعر الجياشة والأحاسيس الفضفاضة دون النظر إلى القناعة واليقين ، وبصرف النظر عن هذا الفريق وهذا الفريق فلا بد أن تتم الدعاية الإنتخابية بأسلوب برجماتي فكل ناخب يدعوا إلى نفسه ، وأقول أنه يجب التبين وعدم دغدغة مشاعر العامة بشعارات وأقوال وخطب يصعب إسقاطها على الواقع مما يعطي جمهور الناخنبين إنطباعاً أن هذا الفريق من المرشحين ما هو إلا ظاهرة صوتية وقد يكون في كثير من الإحيان إن إستعباد البيان أقوى من إستعباد السنان
7-كثير من تصرفات أبناء الحركة الإسلامية خلال العملية الإنتخابية كان أقرب إلى ردود الأفعال عنه إلى الأفعال على سبيل المثال لا الحصر
-ما ثار حول شعار الإسلام هو الحل وأن الحركة الإسلامية لا تملك آلية حقيقة لتطبيقه فجاءت البحوث والكتابات لتبين هذا المعنى
-ما ثار حول البرنامج الإنتخابي للإخوان المسلمين ثم ظهر البرنامج الإنتخابي وثار حوله مشاكل عدة أدت إلى أجراء بعض التعديلات عليه
-ترشيح بعض الأخوات لتأكيد أن المنهج الإسلامي لا يناهض المرأة ولا يحارب توليها للمناصب العامة
-لغة الحوار حول موضوع الأقليات والأقباط
أتساءل هنا لماذا لم تكن هذه البحوث والكتابات سابقة على موجات الهجوم هذه ؟؟؟ أم أن أبناء الحركة أسترشدوا بموجات الهجوم حتى يحدثوا نوعاً من التكميل والإصلاح ؟؟؟؟ ينبغي لحركة إسلامية تبغي الإصلاح أن يكون لها أجندتها السابقة المستقلة النائية عن ردود الأفعال البعيدة عن أرضاء أصحاب الإتجاهات المعاكسة أو حتى الهدف إلى إرضاء وجذب العامة
-مبدأ المشاركة لا المغالبة وما فيه لمحاولة التوفيق والتجميع وإستمالة القوى السياسية الأخرى وإزالة خوفها من تيار الإخوان المسلمين السياسي مما يعني الإكتفاء بعدد معين ونسبة من المرشحين وإزالة خوف الحزب الوطني وحكومته وعدم إستعدائه على الحركة الإسلامية
8-الأخطر والأدهى من كل ما سبق أن تجربة الواقع تشهد بعدم إمكانية تولي أبناء الحركة الإسلامية لزمام الأمور عن طريق صندوق الإنتخابات وتجربة الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر خير شاهد وتجربة حركة حماس خير شاهد فالمجتمع الدولي لا يقبل أن تأتي حركة إسلامية لزمام الحكم عن طريق صندوق الإقتراع بل إن بعض سدنة الديمقراطية مازال مقاطعاً لحركة حماس رغم أنها حكومة منتخبة إنتخاباً حراً طبقاً للآليتهم المعتمدة
9-السؤال هل الشرعية تكتسب من إنتخاب الشعب أم من ماذا ؟؟ أنها شرعية طبقاً للنظام الناتجة منه وليست شرعية حسب اللفظ فالشرعية هي شرعية النظام من خلال الشريعة وهل يعني نتاج نظام يخالف شرع الله منتخب إنتخاباً حراً أنه نظام شرعي
10- في محاولة لضمان النزاهة يطالب أقوام بالإشراف الدولي وهي محاولة المستجير من الرمضاء بالنار وهل يعقل أن يجير قوم يضجوا من مجرد ذكر الإسلام قوماً يروا في الإسلام منهج حياة
تلك عشرة كاملة
أخيراً على الذين يدعون إلى الإستشهاد في سبيل الإنتخابات أن يتريثوا قليلاً في دعواهم ولأن الأمر لا يعدوا كونه وسيلة في حد ذاته وليس غاية وإذا كنت تملك زمام قيادة فئة فلا يعني ذلك أن تقودها إلى الموت شبهة
ألا هل بلغت اللهم فاشهد
إلى اللقاء في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Tuesday, July 27, 2010

الحلقة الثالثة : لجنة أجرنات ومفاوضات الكليو 101

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتناول في هذه المقالة الحلقة الثالثة والأخيرة من هذا البحث الخاص بحرب أكتوبر 1973 ونود أن نختم هذا البحث بما كنا قد بدأنا بالتنويه عنه هو أننا لسنا بصدد كتابة التاريخ بقدر ما أننا بصدد جلاء الأحداث وكشف الغبار عن الحدث الحقيقي بما توافر لدينا من معلومات ومحاولة تبيان الحقائق بعدما أعتورها التشويش من هذا الجانب وهذا الجانب فكلا من الجانبين يدعي أنه خرج من هذه الحرب منتصراً والحقيقة تحتاج إلى لجان لتقصيها
أولا : لجنة أجرانات :
ينبغي الحديث عن لجنة أجرانات أولا حيث هي الأولى من حيث الترتيب الزمني حيث تكونت لجنة أجرانات للوقوف على ما حدث لجيش الدفاع الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973 ، ولسنا هنا بصدد كتابة التاريخ الإسرائيلي ولكننا نأخذ منه ما يتواكب مع كتابة أحداث الموضوع الذي نقوم بتحليله
1- تكونت لجنة أجرانات في 21 نوفمبر 1973 أي بعد شهر ونصف تقريبا من أندلاع حرب أكتوبر وبعد حوالي سبعة وعشرين يوماً من وقف إطلاق النار وتلك نقطة جديرة بالتحليل ، حيث لم ينخدع الشعب الإسرائيلي بما روج له وزير دفاعه - موشي ديان - من أن جيش الدفاع قد خرج منتصراً من حرب يوم كيبور ، فتكونت هذه اللجنة من جراء الضغط الشعبي الشديد على حكومة رئيسة الوزراء جولدا مائير وذلك للوقوف على تفسير وحل لملفين هامين :
1-الملف الأول وهو : معلومات المخابرات بالنسبة للأيام السابقة لحرب يوم كيبور من حيث تحركات الأعداء -المصريين - العسكرية وإحتمال بدء الهجوم والقرارات التي أتخذها المسؤولون العسكريون والسلطات المدنية للرد على هذه التهديدات وكذلك الأداء الهزيل لجيش الدفاع الإسرائيلي في الأيام الأولى وأقول الأيام الأولى لحرب أكتوبر وهذا ما أكدته التقارير المنصفة والعادلة والموضوعية
2-الملف الثاني وهو وضع جيش الدفاع في حالة الحرب وحالة إستعداده في أيام ما قبل الحرب وعملياته إلى أن يتم إحتواء العدو :
ومما هو جدير بالذكر أن هذه اللجنة تكونت من جراء ضغط موضوع الأسرى الإسرائيلين لدى الجيش المصري وكذلك كثرة المفقودين وحاجة العائلات الإسرائيلية لمعرفة ما إذا كان أبناؤها في الأسرى أم في القتلى ، وإذا كانوا في جانب القتلى فالسؤال عن كيفية إسترداد جثثهم والقيام بدفنها ، وتلك النقطة كانت من النقاط الهامة جداً التي كان من الممكن أن يغتنمها الجانب المصري ويتخذها كورقة ضغط في صالحه في مفاوضاات فض الإشتباك بين القوات وكذلك مفاوضات فك حصار الجيش الثالث الميداني وهذا ما لم يفعله الجانب المصري ، وما يؤخذ من هذه النقطة هو سرعة تكون هذه اللجنة للوقوف على حل لهذين الملفين بعد إنقضاء الحدث بمدة وجيزة وبصرف النظر عن أداء هذه اللجنة من عدمه ، وكان ينبغي علينا تكوين ليس لجنة واحدة بل عدة لجان وقاعات بحث وأن يقتل الموضوع بحثاً للوقوف على حقيقة ما آل إليه الأمر في هذه الحرب ولكن ما حدث هو أننا إنسقنا وراء إعلام مضلل وزعامات زائفة وبطولات وهمية وغضضنا الطرف عما حدث فيها والحقيقة تصرخ وتدلل أن ثمة أخطاء فادحة أرتكبت وأرواح أزهقت وأموال تبددت وكارثة كادت أن تتحقق ولكن الله سلم ، ولكن أعود وأقول من حق الأجيال القادمة أن تعرف حقيقة حرب أكتوبر وحقيقة المخطئ والمصيب وهذا ما نادى به الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان ولكن لا مجيب
2- تكونت لجنة أجرانات من قاضيان كبيران ومراقب دولة وإثنين من رؤساء الأركان السابقين ورجل آثار وترأسهاالدكتور / شمعون أجرانات رئيس المحكمة العليا الإثنين الذين ترأسا أركان حرب جيش الدفاع الإسرائيلي وهما بيجال يادن ولسكوف ، وواضح من تركيب اللجنة أن لها كافة الضمانات الفنية والكفاءة العلمية ليكون قرارها صحيحا وحكمها صائباً إلا أن الإجراءات وكذلك الحكم شابهما نوع من العوار حيث فرضت اللجنة على جميع من تولت التحقيق معهم عدم إحضار محامين أو رجال قانون حتى لا يشوب الإجراءات نوع من التعقيد ولم تطبق اللجنة هذه الشروط على كل من وزير الدفاع موشي ديان ولا رئيسة الوزراء جولدا مائير وهذا خلل كبير في الإجراء ، مكثت اللجنة في بحثها لمدة عام كامل وجاء قرارها كأنه في محاولة لإيجاد كبش كي يذبح و شخص يلعب دور المتهم في تلك القضية فجاء تقريرها بإلقاء المسؤولية كاملة على جهاز المخابرات برئاسة إلياهو زعيرا وكذلك شمويل جونين قائد المنطقة الجنوبية ، وليس من قبيل الخروج على الموضوع إذا قلنا أن إلياهو زعيرا مكث يبحث في الموضوع ما يقارب العشرين عاماً حتى خرج بكتابه الذي هو أحد مراجع الموضوع والذي يقرر فيه عوار التقرير وتحيزه لكل من وزير الدفاع وكذلك رئيسة الوزراء
3- ما يجب أن نتوقف عنده هو ان الشعب الإسرائيلي لم تنطل عليه هذه الخدعة وخرجت المطاهرت تطالب بإقالة رئيسة الوزراء ووزير الدفاع وهذا الذي نطالب به هو النضج الشعبي الكفيل بمراقبة الأداء الحكومي ومحاسبتها طالما أن في ذلك مصلحة الشعب وهنا وقفة لا بد منها حيث نحار في فهم تصرفات شعبنا التي لا مبرر لها إلا أنه شعب تحكمه العاطفه وتسيره مشاعره لا المصلحة فإذا عقدنا مقارنة بين مواقف شعبنا والشعوب الأخرى في الأزمات لوجدنا شعبنا يتخذ موقفا فريداً لا من حيث الإستحسان وإنما من حيث الإستهجان حيث خرج ونستن تشرشل رئيس الوزراء البريطاني من الحرب العالمية الثانية منتصراً ورغم ذلك أسقطه الناخب البريطاني في الإنتخابات أما نحن فبعد هزيمة 1967 تنحى رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر فيما يشبه الحركة المسرحية وخرج أبناء الشعب يطالبونه بالعودة !!!!!!!! هذه الشعوب تعرف تماما ما تريد وتعرف كيف تقيم حكامها أما نحن فأمامنا دهر دهير
ثانيا : مفاوضات الكليو 101
تمت مفاوضات الكيلو 101 بعد وقف إطلاق النار أي بعد يوم 26 أكتوبر 1973 حيث ترأس الجانب المصري الفريق محمد عبد الغني الجمسي بصفة رئيس أركان القوات المصرية بعد عزل الفريق سعد الدين الشاذلي وترأس الجانب الإسرائيلي أهارون باريف و ديفيد إليعاذر رئيس أركان القوات المسلحة الإسرائيلية حيث وقع الأول إتفاقية النقاط الستة الخاصة بفك حصار الجيش الثالث الميداني ووقع الثاني أتفاقية فض الإشتباك بين القوات ، دامت مفاوضات الكليو 101 سبعة عشر إجتماعأ ، عشرة إحتماعات خاصة بفك حصار الجيش الثالث الميداني وتوصيل الإمدادات الطبية والإدارية غير العسكرية له وسبع إجتماعات خاصة بفض الإشتباك بين القوات
في المرحلة الأولى منها - مرحلة العشرة إحتماعات - كان الهدف هو فك حصار الجيش الثالث الميداني وتوصيل الإمدادات له وكانت إسرائيل تعلم ذلك فكانت تضغط وبقوة على هذه النقطة وكان بيد المفاوض المصري نقطة قوة إلا أنه لم يستغلها ألا وهي نقطة الأسرى الإسرائيلين وكذلك القتلى والجرحى ولست أدرى ألم يكن يعلم القادة المصريين بالضغط الذي كانت تمارسه العائلات الإسرائيلية على القادة من أجل إسترجاع أبنائهم الأسرى أو جثث القتلى ؟؟؟؟؟ فجات النتيجة في شكل مهين ووجه ذليل حيث كانت الإمدادات تنقل إلى الجيش الثالث في شاحنات عند مدخل مدينة السويس يتم تسليمها لسائقين من الطرف الإسرائيلي حيث يتم نهب هذه الشاحنات ولا يصل منها إلا النذر اليسير
في المرحلة الثانية منها مرحلة السبعة إحتماعات الخاصة بفض الإشتباك بين القوات طرح الجانب الإسرائيلي بعض المبادئ العامة لتنفيذ فض الإشتباك وهي :
1- ألا تبدو عملية فض الإشتباك كهزيمة لأي طرف من الأطراف
2- أن تكون الخطط متوازية
3- أن يتم التحرك إلى خطوط مؤقتة لكنها قوية
4- نقطة خبيثة جدا وهي توفير إجراءات لتوفير جو السلام والتقليل من إحتمال الحرب وذلك بعودة الحياة الطبيعية لمنطقة القناة كضمان فعلي لعدم النية على الهجوم مرة أخرى ، أي إتخاذ منطقة مدن القناة بما يشبه الدرع الواقي أو تطمين عملي على عدم الهجوم من قبل الجانب المصري حيث تم إخلاء هذه المدن في أثناء الحرب
5- إقامة منطقة عازلة من قوات الطوارئ الدولية
في 28 نوفمبر 1973 كان الإجتماع السابع عشر والأخير وتم توقيع إتفاقية فض الإشتباك بين القوات المصرية برئاسة الفريق محمد عبد الغني الجمسي والقوات الإسرائيلية برئاسة ديفيد إليعاذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي
وهنا نقطة جديرة بالتحليل هو أنه كان قد تم تولية الفريق عبد الغني الجمسي رئاسة الجانب المصري حسب زعم الرئيس السادات لأنه أعلم واحد بالخرائط وكان يجب أن يكون رئيس الجانب المصري هو الفريق سعد الدين الشاذلي ولكنه لم يول ربما للخلافات التي كانت قد بلغت ذروتها بعد حادثة الثغرة أو ربما أنه كان ينوي عزله من منصبه حيث تم عزله فعلياً في شهر ديسمبر 1973
عانت مفاوضات فض الإشتباك بين القوات من تعنت الجانب الإسرائيلي وبعد طول مباحثات يحتج الطرف الإسرائيلي بانه غير مفوض ببحث هذه النقاط أو أن الأمر مرجأ حتى يؤخذ راي الحكومة الإسرائيلية ، بالفعل أوشكت المفاوضات على الفشل إلا أنها نجت وخرجت للوجود بفضل ما عرف بسياسة المكوك أو السياسية المكوكية التي كان يتخذها وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر ، فزار القاهرة وزار القدس عدة مرات ، وجدير بالذكر هنا أن نذكر مباحثات أسوان بين الرئيس السادات وكيسنجر حيث وافق الرئيس السادات على تخفيض عدد القوات المصرية إلى سبعة آلاف رجل وعدد ثلاثين دبابة ينظمون في عدد ثمانية كتائب بعد ان كان للجيش المصري جيشين كاملين يقدر عددهما بحوالي مائة ألف رجل ، وجدير بالذكر أيضا أن الرئيس السادات لم يخبر الفريق الجمسي قائد الجيش بهذا الإتفاق الذي تم بينه وبين كيسنجر وعند عرض كيسنجر لهذا الإتفاق في مباحثات أسوان أعترض الجمسي وخرج من الإجتماع مغضباً حسب تعبيره ( راجع مذكرات حرب أكتوبر للمشير محمد عبد الغني الجمسي ) ، نقطة خطيرة هي أن رئيس الجمهورية لم يوقف رئيس أركان جيشه على حقيقة إتفاق ذو طبيعة عسكرية تم التوصل إليه مع الأعداء مما يلقي ظلالاً من الشك حول هذه الإتفاقات من جذورها
الموقف الثاني هو أن السادات قدم لمناحم بيجين رئيس الوزراء الإسرائيلي عند زيارته للقدس عام 1979 وعداً بعدم نقل قوات مصرية شرق ممري متلا والجدي وهذا أيضاًُ من تلقاء نفسه ودون الرجوع إلى قائد الجيش في أمور عسكرية تتعلق بتحركات الجيش وامن وسلامة القوات المصرية ، هذين الموقفين دعما من موقف إسرائيل في مباحثات فض الإشتباك بين القوات ومباحثات السلام وجعلها تأخذ موقف المتعنت ، أيضاً ساهم في ذلك العزلة العربية التي فرضت على مصر من قبل الدول العربية التي رفضت مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل بل وأضعف موقف مصر في المفاوضات مما جعل الرئيس المصري يقبل بالتنازلات خوفاً من الفشل في المباحثات على حسب رأي المشير عبد الغني الجمسي
يرى وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان أن يوم 18 يناير 1974 هو اليوم الحقيقي لوقف إطلاق النار حيث لم يقف إطلاق النار فعلياً من يوم 24 أكتوبر حتى هذا اليوم ويقول كان إختلافنا مع المصريين يتركز في نقطين هامتين :
1- من الذي سيحتل ممري متلا والجدي
2- النقطة الثانية تتعلق بتخفيض عدد القوات
لاحظ أن كلا من النقطتين تولى الرئيس المصري حسمهما لصالح الجانب الإسرائيلي
** نظرة عامة وخاتمة
يقول إلياهو زعيرا رئيس المخابرات الإسرائيلي أن وزير الدفاع موشي ديان قد طور فكرة الدفاع عن القناة بالخط الشهير الذي عرف بإسم خط بارليف إلا أن هنا وقفة أثبتها هو :
يقول أن نظريات الدفاع تقوم على نظريتين هما نظرية الدفاع الثابت و نظرية الدفاع المتحرك وبناء خط بارليف بهذا الشكل هو أحد أوجه نظرية الدفاع الثابت ألا أن هذه النظرية أثبتت التجربة خطأها للأسباب التالية :
1- جميع الخطوط الدفاعية مهما كانت إستحكاماتها سقطت عبر التاريخ أمام المهاجمين ولم تعق تقدمهم هذه واحدة ،
2- النقطة الأخرى هي خطأ فكرة الدفاع عن خط القناة الذي طوله 160 كم بحوالي ألف جندي وبضعة عشرات من الدبابات في مقابل سبع فرق مصرية وحوالي 1300 دبابة وحوالي 1100 مدفع هذا يعني أن ميزان القوى في صالح الجانب المصري
3- خط بارليف كان عدد نقاطه واحد وثلاثين نقطة أغلق شارون منها خمسة عشر نقطة عندما كان قائداً للمنطقة الجنوبية وأبقى منها ستة عشر تعمل فقط بإجمالي عدد مقاتلين خمسمائة وخمسة جندي لقى منهم مائة وستة وعشرون مصرعه وأسر مائة وأثنين وستين ونجا مائة وثلاثة وخمسون منهم وصمدت نقطة بودابست فقط ولم تسقط وكان عدد الذين فيها أربعة وستون جندياً
الملاحظة الهامة هي أن أريل شارون عندما كان قائداً للجبهة الجنوبية ( سيناء ) تولى تعديل نظرية الدفاع الإسرائيلية ونقلها من الدفاع الثابت إلى الدفاع المتحرك وهذا تعديل غاية في الخطورة ، وقبل أن ننتقل من هذه النقطة لاحظ تضارب الآراء بين الجانب المصري والجانب الإسرائيلي حول خط بارليف فيرى رئيس المخابرات الإسرائيلي أنه كان أحد اجزاء خطة الدفاع ولم يكن أهمها كما يرى الجانب المصري وراجع في ذلك الإحصائيات التي ذكرها ، ويجب أن نتوقف هنا لنتسائل هل كان الجانب المصري يعلم بهذه التعديلات التي أجراها شارون في نظرية الدفاع عن سيناء أم ؟؟؟
2- يرى إلياهو زعيرا أن نظرية الدفاع المتحرك التي كان يتخذها الجانب الإسرائيلي تسمح للمهاجم بتحقيق مكاسب مرحلية ثم بعد ذلك يتمكن المدافع من القيام بهجوم مضاد يمكنه من إختراق قوات المهاجم وهذا ما أكدته وقائق المعركة
3-يرى موشي ديان أن قائد الجيش المصري سعد الدين الشاذلي لم يكن يدرك ما تنوي القوات الإسرائيليه عمله من العملية " الغزالة أو الثغرة " وهذا مكن من حدوثها ، ورجوعاً إلى ما أسلفنا نرى أن الجانب المصري كان يعاني من نقص المعلومات تارة ومن عدم دقة المعلومات المرفوعة إلى القيادة
4- بالنظر إلى الشكل الذي أنتهت عليه الحرب ورجوعاً إلى ما قرره رئيس المخابرات الإسرائيلية حول نظرية الدفاع المتحرك نرى أن نتيجة المعركة بهذا الشكل كانت نتيجة حتمية بمعنى أن التغني بالنصر من جانب الجانب المصري وبهذا الحجم ليس صحياً على إطلاقه ، من الممكن القول أننا حققنا إنتصاراً في المرحلة الأولى أما ما بعدها ففيه شك كبير
بهذا نكون قد إختتمنا هذه الحلقة وهذا البحث سائلين الله عز وجل القبول والتوفيق
وإلى اللقاء في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Friday, May 14, 2010

الحلقة الثانية : ثغرة الدفرسوار



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نتناول بإذن الله تعالى الحقلة الثانية من حرب أكتوبر عام 1973 وهي حسب التقسيم الذي كنا قد قسمناه في الحلقة الماضية هي الفترة من 15 أكتوبر 1973 حتى وقف إطلاق النار يوم 28 أكتوبر 1973 وقبل أن نبدأ أود أن أبدأ بهذا الإستهلال :
إستهلال :


1-إهداء إلى الأبطال الذين دافعوا عن أرضهم وعن مواقعهم وتمسكوا بها حتى قدموا أرواحهم شهداء في سبيل الله تعالى من رجال الجيش الثالث الميداني والجيش الثاني الميداني في معارك الإختراق الإسرائيلي لما بين الجيشين وفي معارك مؤخرة الجيش الثالث وفي معركة المزرعة الصينية وغيرها ، قدموا أرواحهم في صمت وصبر وما سمع بهم أحد ولا عرف بهم أحد وما عرفنا عنهم إلا النذر اليسير


2-إهداء إلى الأبطال الذين صبروا على الظلم والضيم وتبديل الحقائق وإلصاق التهم


مقدمات :


1- يقول اللواء محمد عبد الحليم أبو غزالة " أنه من المعروف عسكريا أن أصعب النقاط هي نقاط الإتصال بين القوات " محمد عبد الحليم أبو غزالة وإنطلقت المدافع عند الظهر


2-يقول الفريق عبد المنعم واصل " إن تكتيك إختراق القوات والوصول إلى مؤخرة قوات العدو وتدمير إحتياطياتها هو تكتيك معروف وكنا قد تدربنا على مواجهته قبل الحرب " مذكرات الصراع العربي الإسرائيلي للفريق واصل قائد الجيش الثالث الميداني


3-يقول ونستن تشرشل رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية " إن الإنتصار يحدث بأسلوبين : أسلوب المناورة بالقوات وأسلوب التحطيم والمذابح "
4-يقول أيلي زعيرا رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية إبان حرب يوم أو عيد كيبور كما يسمية اليهود " كانت خطة حرب أكتوبر كاملة قد وضعتها بين يدي وزير الدفاع موشي ديان ورئيسة الوزراء جولدا مائير كاملة حتى أنه كلما حقق المصريون شيئاً كنت أقارن بينه وبين ما عندي فلا أجد أي خلاف "


5-خريطة حرب أكتوبر مع أسماء بعض المعالم أضعها بين أيديكم وأوصيكم بقراءتها بتركيز شديد ومراجعة بعض ما جاء في الحلقة الأولى والثانية حول بعض الأماكن



** الثغرة :

تعرف هذه المرحلة من مراحل حرب أكتوبر بعملية " الغزالة أو القلب الشجاع " أو كما يقول الجمسي " التغرة " لأنها أحدثت ثغرة بين قوات الجيشين الثاني والثالث الميداني أو معركة الدفرسوار حيث دارت عند بحيرة الدفرسوار غير أن أسمها عند الجيش الإسرائيلي هو " عملية الغزالة أو القلب الشجاع " وكان القواد الإسرائيلين الذين قاموا بالعملية هم ثلاثة قواد " أريل شارون " و " مندلر " و " آدان " وبطل هذه العملية هو أريل شارون أما مندلر فقد قتل في هذه العملية و" وبرن " هو الذي فتح له الطريق كما سنلي بالتوضيح :

بدأت هذه العملية كما قلنا من تداعيات عملية تطوير الهجوم المصري كما يقول الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري خلال حرب أكتوبر ، فقد ترتب على عملية تطوير الهجوم سجب القوات الإحتياطية التي كانت تغطي رؤوس الكباري المصرية من الجبهة الشرقية لقناة السويس وبالتالي تحمي مؤخرة الجيشين الثاني والثالث الميداني وإشراكها في عملية تطوير الهجوم نحو خط المضايق ، وإذا سلمنا بصحة المعلومة التي قد أوردناها في المقدمة والتي جاءت على لسان إيلي زعيرا من أن خطة الهجوم المصرية والجدول الزمني لها كان معروفا ومحدداً سلفاً لدي المخابرات الإسرائيلية وما حدث هو خطأ في الإجراءات من قبل وزير الدفاع فنسطيع أن نقول أنه من ثنايا معرفة العدو لخطة الهجوم المصرية فقد كانوا يعلمون بالتكتيك الذي سوف يتبع وهو عملية سحب قوات الإحتياطي والقتال بها أي أن العدو كان يعلم أن هذه المنطقة خالية من قوات الإحتياطي وهذه يفسر الإستماتة الشديدة للجيش الإسرائيلي في معركة المزرعة الصينية وكذلك الإستماتة في محاولة فتح الطريق للإتصال بقوات إريل شارون أو كما إتفق كل من الفريق سعد الدين الشاذلي واللواء محمد عبد الغني الجمسي من أنه تم إستطلاع الجبهة المصرية بواسطة طائرات إستطلاع أمريكية خارج مدى صواريخ الدفاع الجوي المصري وقد تم هذا الإستطلاع بعد عملية التطوير مباشرة وربما يكون الإحتمالين قد تما مع بعضهما البعض أو أن أحد الإحتمالين تم التأكد منه بواسطة الآخر أي أن القوات الإسرائيلية ربما تكون طلبت من الأمريكان التأكد من معلومة سحب الإحياطي حتي يتم الهجوم وإختراق القوات المصرية .

من المعلوم أن منطقة البحيرات المرة منطقة صعبة العبور كبيرة المساحة وهي المنطقة الواقعة بين قوات الجيشين الثاني والثالث الميداني حيث كان قطاع الجيش الثالث هو من البحيرات المرة حتى مدينة السويس وميناء الأدبية جنوباً وقطاع الجيش الثاني هو من منطقة البحيرات المرة وبورسعيد شمالاً وأصلح نقطة للعبور هي منطقة الدفرسوار وهي المنطقة التي أقام عندها الجيش المصري معبره أصلا وإذا كانت هذه النقطة في نطاق حماية الجيش الثاني أو بمعنى أدق في الحد اليمين للجيش الثاني الميداني وكما يقول اللواء محمد عبد الغني لجمسي في مذكراته " كانت العملية تهدف إلى الضغط على قوات الحد اليمين للجيش الثاني الميداني بهدف زحزحتها بضعة كيلومترات عن منطقة الدفرسوار بهدف الوصول إلى ساحل القناة وبالتالي التمكن من العبور

سيناريو العميلية :

قامت قوات المظلات الإسرائيلية بالوصول للمواقع المتاخمة لمياه قناة السويس وعبرت القناة في قوارب مطاطية وكان ذلك يوم 15 أكتوبر وكان من المفترض أن تتصل بها قوات إريل شارون ليلا لإقامة المعبر على قناة السويش تمهيدا لعبور القوات الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس إلى هذا الحد والعملية لا قيمة لها فمن الممكن قطع الطريق على القوات المتقدمة والقضاء على وحدة المظلات التي تم إبرارها في هذه المنطقة وهذا ما كاد أن يحدث ، حيث تم قطع الطريق يوم 16 أكتوبر على قوات أريل شارون بعدما وصلت لمياة القناة وأصبح من المتعذر وصول معدات العبور وكذلك الجسور وأصبحت قواته معزولة تماماً بل ومهددة بالقضاء عليها فأصبح لزاماً على القوات الإسرائيلية القيام بمحاولة لفتح الطريق للإتصال بقوات إريل شارون المدرعة

** محاولات مصرية لسد الثغرة " معركة اللواء 25 مدرع "" والفرقة " 22 مدرع بقيادة اللواء إبراهيم العرابي :

كان من المفترض أن يتقدم اللواء 25 مدرع من قطاع الجيش الثالث الميداني جنوبا في إتجاه الشمال ويتصل بالفرقة 22 مدرع من قطاع الجيش الثاني الميادني شمالاً التي ستتجه نحو الجنوب فيحكم غلق منطقة المرور ويقطع بين القوات الإسرائيلية التي وصلت لمياة القناة وقوات الإمداد الخاصة بها ، وعارض الفريق سعد الدين الشاذلي هذه الخطة معارضة شددية لأن هذه المنطقة خارج صواريخ الدفاع الجوي المصرية مما يعرض هذه القوات - اللواء 25 مدرع والفرقة 22 مدرع لنيران الطيران الإسرائيلي والصدام مع مدرعاته صداما مباشراً وهذا ما حدث بالفعل حيث بدأ اللواء 25 مدرع بالتحرك وووضح أن الجيش الإسرائيلي على علم بهذه الخطة أو ربما توقعها حيث تمت مهاجمة اللواء 25 مدرع المصري بعدد 3 ألوية مدرعة إسرائيلية كالتالي :

1-لواء في الواجهة قطع الإتصال بينه وبين الفرقة 22 مدرع ومنع إتصاله بها

2-ولواء هاجمه من الجانب

3-ولواء إلتف من خلفه

مما كان من نتيجته تدمير هذا اللواء بالكامل وتعذر نجاح سد الثغرة

** معركة المزرعة الصينية :

تقع المزرعة الصينية في المنطقة بين الجيشين الثالث والثاني وبالتالي هي في منطقة الإختراق وكان يسيطر على هذه المزرعة كتيبة مصرية بقيادة المقدم أركان حرب محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الحالي ولإتمام فتح الطريق وإتصال القوات الإسرائيلية بعضها ببعض كان لابد من إحتلال المزرعة الصينية وتدمير القوات المصرية بها فقامت القوات الإسرائيلية بالهجوم على منطقة المزرعة الصينية بواسطة لواء مظلات بقيادة اللواء " عوزي يائري " الذي وقع في شرك نصبه له القائد المصري فأفنى لواءه عن آخره وإستطاع هو ونائبه الخروج بأعجوبة وأتصل بالقوات الإسرائيلية لإخلاء الجرحى فتمت عملية إخلاء الجرحى عن طريق المدرعات ، وقامت قوات القائد الإسرائيلي " برن " بالهجوم على ثلاثة محاور المحور الأول شمالا للضغط على الحد اليمين للجيش الثاني الميداني و المحور الثاني جنوباً للضغط على الحد اليسار للجيش الثالث الميداني والمحور الثالث غرباً للهجوم على المزرعة الصينة وذلك لفتح الطريق والإتصال بقوات إريل شارون وبعد قتال ليلي عنيف ومعركة مدرعات تصادمية وقتال مباشر إستطاعت قوات " برن " فتح الطريق والإتصال بقوات إريل شارون عند ساحل القناة ومن ثم توصيل معدات وجسور العبور وفي يوم 17 أكتوبر 1973 وصلت القافلة إلى حدود قناة السويس وبدأ عبور المدرعات الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس وحدث ما يعرف بـ " ثغرة الدفرسوار " في الجيش المصري ، يقول وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان " تكبدنا في معركة المزرعة الصينية خسائر فادحة إلا أننا كنا مصممون على إتمام العملية حتى لو تم إفناء القوات كلها " ويصف في موضع آخر شراسة المعركة وشدتها وإقتراب الدبابات بعضها من بعض وذلك في مذكراته المعروفة بقصة حياتي ، ثم توالى عبور المدرعات الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس " الجانب المصري " حتى وصلت عدد القوات الإسرائيلية إلى ثلاثة فرق .

سارت في إتجاهين أتجاه يحاول تطويق مدينة الإسماعيلة شمالا وإتجاه آخر في محاولة تطويق وإحتلال مدينة السويس وحصار الجيش الثالث الميداني

** الإتجاه الأول :

سارت القوات الإسرائيلية شمالا بمحازاة القناة ومتجة ناحية الإسماعيلة لإحتلالها إلا أنها فشلت في ذلك لإصطدامها بالفرقة الرابعة المدرعة بقيادة الفريق عبد العزيز قابيل الذي كان من إحتياطي الجيش الثالث الميداني فتم سحبه ووضعه تحت قيادة القوات المسلحة مباشرة وكانت هذه نقطة خلاف شديد حيث طالب الفريق عبد المنعم واصل برجوع الفرقة الرابعة المدرعة إلى قيادته لمواجهة الموقف المتداعي كما سنرى فلم يتلقى إجابة

** المحور الثاني

وهو المحور الأهم حيث سارت القوات الإسرائيلية بمحازاة قناة السويس جنوباً في إتجاة مدينة السويس في محاولة للوصول لمؤخرة الجيش الثالث الميداني وتطويقه وحصاره ومنع الإمدادت عنه وعن مدينة السويس ، يقول الفريق عبد المنعم واصل في مذاكراته الصراع العربي الإسرائيلي " فهمنا ما تهدف إليه الخطة الإسرائيلية فقمنا بنقل الإمدادت الإدارية ( الطعام والشراب وكل ما يحتاجه الجيش وكذلك الذخيرة ) إلى الضفة الغربية من القناة حتى نفوت على القوات الإسرائيلية خنق الجيش الثالث وحصاره " وبالفعل نجحت خطته مما كان له الأثر في تخفيف حصار الجيش الثالث ، نجحت القوات الإسرائيلية في تدمير مؤخرة الجيش الثالث المدينة وبالتالي أحكمت حصاره وإحتلت ميناء الأدبية جنوب السويس مما أحكم من حصار مدينة السويس ذاتها بل إن الفريق عبد المنعم واصل يذكر أن القوات الإسرائيلية دخلت مدينة السويس وحاولت إحتلالها ودخل جندي إسرائيلي إلى مبنى محافظة السويس وحاول رفع العلم عليها إلا أن الأهالي أردوه قتيلاً وكان لدعوة الشيخ / حافظ سلامة بالجهاد بها أثر كبير في إذكاء روح المقاومة كذلك الدور الذي قام به اللواء يوسف عفيفي في تسليح الأهالي مما مكن الأهالي من طرد الجيش الإسرائيلي من مدينة السويس وتدمير الدبابت الإسارئيلية وإعاقة دخولها إلى المدينة وعلى هذا يأسف موشى ديان أشد الأسف فيقول " لو إستطعنا إحتلال مدينة السويس لكان لهذا أثره الكبير في مفاوضات وقف إطلاق النار ولكن هذا لم يحدث " كان هذا الحدث في 24 أكتوبر 1973 وهو اليوم الذي عد يوم عيد مدينة السويس ، إستطاعة القوات الإسرائيلية حصار مدينة السويس وكذلك طريق القاهرة السويس وأصبحت على مسافة ساعتين من القاهرة والقوات الموجودة في الجانب المصري قوات ضعيفة لا تستطيع رد هذه القوة عن القاهرة لو أرادات الإتجاه إليها وفيما يلي خريطة تبين أوضاع القوات المصرية والإسرائيلية بعد حدوث الثغرة ووقت وقف إطلاق النار 28 أكتوبر 1973





** أسباب الثغرة

1- تدخل القيادة السياسية في قرارت القيادة العسكرية كما يقول الفريق سعد الدين الشاذلي وهذه النقطة كانت في صالح الجيش الإسرائيلي حيث يقول موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي في مذكراتة " نحن كدولة ديمقراطية ليس في إستطاعة وزير الدفاع أن يتخذ قراراً إلا بما يشير عليه رئيس الأركان ومن ثنايا تقارير جهاز المخابرات وليس من شأن القيادة السياسية أن تتدخل في قرارات الجيش

2-عدم إدارك رئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي لحقيقة الموقف وذلك ناشئ عن التقارير التي تم رفعها له من بعض القادة الميدانين حيث يقول الفريق عبد المنعم واصل إنه بعد إخلاء الفريق سعد مأمون لإصابته بأزمة قلبية تم تعيين اللواء تيسير العقاد رئيس أركان الجبش الثاني الميداني قائداً للجيش خلفاً له ، والذي تلقى تقريرا من العميد عبد رب النبي حافظ قائد الفرقة الذي وقع في قطاعه الإختراق بأن عدد الدبابات الإسرائيلية المخترقة هو سبع دبابات وهو مخالف للحقيقة حيث كان العدد لواء إسرائيلي كامل يعني ما يزيد على المائة دبابة ومن ثم أعطى صورة مخالفة للحقيقة تعكس أن القوة المخترقة قوة ضعيفة سيتم القضاء عليها بسهولة والحقيقة غير ذلك ، مما يؤكد لنا أن رئيس الأركان لم يدرك حقيقة الإختراق إلا بعد أكثر من يوم يعني ربما يوم 18 أو 19 أكتوبر وذلك بعدما توجه بنفسه إلى قطاع الجيش الثاني

3-الخوف الشديد من تحطم سلاح الطيران المصري وعدم إستخدامه بكفاءة للقضاء على هذه الثغرة وذلك خوفاً من تحطمه وخروجه من المعركة كما حدث في حرب 1967 مما نتج عنه حرية عمل المدرعات الإسرائيلية في مؤخرة الجيش الثالث والثاني ، وكانت القوات الإسرائيلية قد واجهت نفس الموقف تقريباً على الجبهة السورية إلا أنها أحسنت أستخدام سلاح الطيران مما كان من أثره إرتداد الدبابات السورية بعد أن كانت على مشارف الأردن

4-إعطاء قيادة الجيش أهمية لطريق الإسماعيلة القاهرة وحمايته على حساب طريق القاهرة السويس مما أسهل من إحكام حصار الجيش الثالث ومدينة السويس

5-إستطاعات المدرعات الإسرائيلية تدمير قواعد صواريخ الدفاع الجوي مما جعل الثغرة ثغرتان ثغرة في الأرض وثغرة في سماء المعركة مما سهل عمل الطيران الإسرائيلي و تقديم العون لمدرعاته

6-عدم إستخدام مبدأ المناورة بالقوات كما أشار رئيس أركان الجيش المصري - لإحتواء الموقف - بسحب بعض الفرق التي لم تشترك أصلاً في القتال وسحبها لا يؤثر على توازن القوات في الضفة الغربية للقناة وإستخدامها لمواجهة الثغرة

7-الإضطراب الشديد في قرارات وزير الحربية أحمد إسماعيل علي في علاج الثغرة وعدم إحاطته ببعض الأمور كما يقول الفريق عبد المنعم واصل " أتصلت بالوزير وقلت له نحن نتعرض للضرب الشديد من الطيران فقال له الوزير : الطيران ده مصري ولا إسرائيلي ؟؟ وكان قائد الجيش الثالث قد طلب دعم الطيران المصري في المعركة فلم يتلقى إجابة ، كذلك موقف الفرقة الرابعة المدرعة وهي هل من إحتياطي الجيش الثالث أم من إحتياطي القوات المسلحة ؟؟؟

تم الوقف الفعلي لإطلاق النار يوم 28 أكتوبر 1973 وكانت القوات الإسرائيلية على بعد 25 كم من دمشق العاصمة السورية وعلى بعد مائة كم من القاهرة العاصمة المصرية وعدد 45 ألف ضابط وجندي هم تعداد الجيش الثالث الميداني محاصرين حصاراً كاملا مما يلقي ظلالاً من الشك حول مفهوم النصر في حرب 1973

** تساؤل :

هل بالفعل إنتصرنا في حرب أكتوبر 1973 ؟؟؟

إذا كانت الحرب تقوم بقرار سياسي وتنتهي بقرار سياسي والهدف منها خلق موقف سياسي فمن ثنايا هذا التعريف تكون إسرائيل قد إنتصرت في حرب 1973 وهذا ما يؤكده موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي في مذكراته - رغم كذبه ومحاولته إخفاء بعض الحقائق والقفز من فوق بعض الحقائق - لأن الموقف السياسي الأخير كما أوضحنا كان في صالح إسرائيل حيث توقفت عن إحتلال دمشق والقاهرة خوفاً من تدخل الإتحاد السوفيتي تدخلاً مباشراً حيث ثبت أن الإتحاد السوفيتي وجه إنذاراً بالتدخل بإرسال قوات إلى القاهرة للدفاع عنها في حالة توجه القوات الإسرائيلية إليها كذلك إلى دمشق وفي هذا يقول ديان " أعطينا الأوامر لقواتنا أن تكون دمشق في مرمى مدفعيتنا ولكن لا نحتلها " وذلك للإعتبارات السابقة حيث أنه إذا تدخل الإتحاد السوفيتي فستتدخل أمريكا لصالح أسرائيل مما يعني حرباً عالمية جديدة

أيضا كما يقرر ديان لم تسمح الولايات المتحدة الأمريكية أن يتم تحطيم الجيش الثالث أو أسر أفراده إحكام حصاره و تركه يموت جوعاً أو عطشاً لأن ذلك هذا أيضاً سيؤدي إلى تدخل الإتحاد السوفيتي

الشاهد أن هرولة السادات لوقف إطلاق النار كان من أجل حفظ ماء الوجه وعدم تدهور الموقف إلى أسوأ مما كان عليه حيث كان كلا من الفريقين يعلم أن وقف إطلاق النار قادم لا محالة لكن الأذكى هو الذي أبقى قواته في وضع يسمح له بالمفاوضة من موقف قوة وهذا ما فعلته إسرائيل

إلى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى

مفاوضات الكليو 101 ولجنة أجرانات للتحقيق في حرب كيبور