Friday, August 28, 2009

محاور التغيير في مدرسة رمضان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد تصنع أحداث ومجريات الحياة من المرؤ قطارا لا يعرف إلا قضيباه الذان يمشي عليهما فلا يستطيع أن يحيد عنهما يمنة ولا يسرة ، فتراه يقطع سحابة يومه في عمل مضني ثم يؤول في نهاية يومه إلى فراشه قتيلا من التعب حتى يصبح حال المرؤ كما وصف في الحديث " حمار بالنهار جيفة بالليل " إلا من رحم ربي ، هذا القطار لا بد له حتى يخرج عن هذين القضيبين من شخص يملك عصا يستطيع بها أن يحول مساره ويخرجه عن مألوفه ، هذا " المحولجي " في حياتنا هنا " شهر رمضان المعظم " ، ولأمر ما جعل الله تعالى صيام رمضان فريضة ولم يجعله تطوعا ذلك لأنه لو جعله تطوعا لخف إليه أصحاب الهمم العالية فقط وهؤلاء في الناس قليل عن إبن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تجدون الناس كأبل مائة لا يجد الرجل فيها راحلة " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ،رواه مسلم ، نحاول في هذه الإطلالة السريعة أن نستعرض كيف يستطيع شهر رمضان أن يغير حياتنا على كافة الأصعدة ؟؟ هذا طبعا إذا أمتثلنا لأمرربنا وأقتدينا بنبينا صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصنع في شهر رمضان ، نقول وبالله التوفيق إن محاور التغيير في شهر رمضان هي :
المحور الأول :المحور الصحي :
قال الله تعالى في سورة البقرة " وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون " سورة البقرة الآية 184 ، نعم فالصيام خير ولكن ليس كلنا يعلم ذلك ولاحظ ذكر تفضيل الصيام بعد ذكر الرخصة بالفطر ، فرغم إباحة الفطر لأحوال الضرورة والعذر إلا أن الصوم خير ، وفي السنة حدَّثنا زهيرُ بنُ محمَّدٍ ، عنْ سهيلِ بنِ أبي صالحٍ ، عنْ أبيهِ ، عن أبي هُريرةَ ؛ قالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _ : " اغْزُوا تَغْنَمُوا ، وصُومُوا تَصِحُّوا ، وسَافِرُوا تَسْتَغْنُوا " .وَجَاءَ لفظُهُ عندَ أبي عروبةَ والعُقيليِّ : " اغْزُوا تَغْنَمُوا ، وصُومُوا تَصِحُّوا ، وسافِرُوا تَصِحُّوا " .واقتَصَرَ أبو نُعيمٍ عَلَى عبارةِ : " صُومُوا تَصِحُّوا " .قالَ الطَّبرانيُّ : " لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عنْ سُهَيْلٍ _ بهذا اللَّفظِ _ إلاَّ زُهيرُ بنُ محمَّدٍ " . وفي القول الدارج على لسان العامة " جوعوا تصحوا " قال الطبيب العربي الحارث بن كلدة" المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء " ، فخلو المعدة من الطعام عامل هام جدا من عوامل الصحة بالنسبة للإنسان ، ولقد عجبت كل العجب لأحوال البشر الذين يضجون من الصيام كعبادة ومن رمضان كشهرورأيت الواحد منهم ينفق الآلاف عند الأطباء من أجل أن ينقص وزنه وتراه يعاني من أقسى أنواع الرجيم وإذا جالسته رق قلبك لحاله وجرى دمعك لمقاله وهو في هذا غير مأجور فما بالك وقد منحك الله تعالى فرصة ذهبية كي تنقص وزنك وبغير تكلفة مادية بل وأنت مأجور عليها من رب العالمين إن كان ثمة فهم ، فالمسلم الملتزم بأوامر الله ورسوله في شهر رمضان أعتقد أنه بإستطاعته أن ينقص وزنه خمسة كليوجرامات أو أكثر في شهر رمضان دون طبيب ودون رجيم
المحور الثاني : المحور الإقتصادي
من المعلوم عقلا أننا ننقص وجبة من وجباتنا الثلاث فنقتصر على وجبتين فقط ، وإذا سلمنا للمنطق العقلي الرياضي فمعنى ذلك أننا نوفر قيمة هذه الوجبة من الإستهلاك ، وعلى المستوى الكلي لك أن تتصور ماذا يحدث توفير وجبة في الإقتصاد القومي ككل ، فلو تصورنا أن الأسرة في مجتمعنا تتكون في المتوسط من خمسة أفراد هذا يعني أن تعداد شعب مصر ( 80 مليون نسمة ) يتكون من 14مليون أسرة ولو تصورنا جدلا أن قيمة الوجبة التي تم توفيرها هي ( 10 جنيهات ) عشرة جنيهات فقط يصبح مقدار ما تم توفيره على مستوى الإقتصاد القومي ( 140 مليون جنيه ) هذا طبعا بعد إستبعاد غير المسلمين من التعداد ، ولكن الذي يحدث هو عكس ذلك حيث يتضخم الإستهلاك في رمضان عنه في أي شهر من الشهور الأخرى هذا ليس من حكمة و أهداف الصيام الذي شرعه الله تعالى .
المحور الثالث :المحور الأخلاقي
وهو المحور الأساس والذي من أجله شرع الصيام ، ولقد تعمدت تأخيره حتى لا يضج القارئ منه فالكل يتوقع ممن يكتب عن الصوم أن يبدأ به لأنه هو الهدف الذي من أجله شرع الصيام ، تعالى معي نستعرض هذه الأحاديث حتى ندرك الحكمة والمغزى من الصيام :
1- عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، ‏ عَنِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ: "‏مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ". أخرجه أحمد (2/443 ، رقم 9717) ، والبخاري (5/2251 ، رقم 5710) ، وأبو داود (2/307 ، رقم 2362) ، والترمذي (3/87 ، رقم 707) وقال : حسن صحيح . وابن ماجه (1/539 ، رقم 1689) ، وابن حبان (8/256 ، رقم 3480) . وأخرجه أيضًا : البغوي فى الجعديات (1/414 ، رقم 2831) ، والنسائي فى الكبرى (2/238 ، رقم 3246) ، والبيهقي (4/270 ، رقم 8095). قال ابن رجب رحمه الله: "وسر هذا أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات، ثم تقرب بترك المباحات، كان بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل.انتهى كلامه رحمه الله
2-عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يصخب ، فإن سابه أحدٌ أو شاتمه ، فليقل : " إني امرؤٌ صائم " ) أخرجاه في الصحيحين .فقوله ( سابه ) : أي شتمه وتعرض لمشاتمته .وقوله ( قاتله ) أي نازعه ودافعه .وقوله ( إني امرؤٌ صائم )
قال النووي رحمه الله :( اختلفوا في معناه ،، فقيل :
1- يقوله بلسانه جهراً يُسمعْهُ الشاتم والمقاتل فينـزجر غالباً .
2- لا يقوله بلسانه ، بل يُحدث به نفسه ، ليمنعها من مشاتمته ومقاتلته ، ويحفظ صومه من المكدرات .
ولو جمع بين الأمرين لكان حسناً ) .
* ومما يستفاد من هذا الحديث :
1- حث الصائم على لزوم الحلم وكظم الغيظ .
2- مقابلة الإساءة بالإحسان
: أ - لأجل أن يصون صيامه عن المكدرات .
ب - ولأجل أن يتربى على تلك الفضيلة العظيمة . فتكون دأباً له يتمثَّلهُ في سائر أيامه ، وكافة أحواله وتقلباته .
وإذا كان الصائم مكلفا بعدم رد الأذى ودفعه عن نفسه لا لشيئ إلا لأنه صائم فمن باب أولى أنه مكلف بعدم إيذاء أحد من المسلمين سواءا بالقول أو بالفعل أو بأي صورة من صور الإيذاء لأن هذا يخالف معنى الصيام أولا ومعنى الإسلام ثانيا حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا هو معنى صيام الجوارح الذي تناوله السلف في كتبهم
3- وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء متفق عليه.
كذلك يصوم اللسان والسمع والبصر عما حرم الله تعالى ويعلم العبد إنه إذا إغتاب أحدا أو قذف أحدا فهو بذلك مخالف لآداب الصيام فيفرض بذلك سياجا شديدا حول جوارحه يحول بينها وبين الرزايا والمعاصي
المحور الرابع : المحور الإجتماعي
حيث يوحد شهر رمضان ويجمع الناس كلهم في القطر الواحد أو ربما في الأقطار كلها في وقت إفطار واحد ووقت سحور واحد ويجتمعون في صلاة واحدة وإن لم تكن فريضة وهي صلاة القيام كل هذا يعطي صورة لوحدة المسلمين المفقودة ، فمن المعلوم أن لكل منا ظروفه التي تختلف عن الآخر فربما يرجع هذا من عمله في وقت متأخر وهذا مبكر ، أما أن يجتمع الكل على الطعام في وقت واحد فهذا ما الا يحدث إلا في شهر رمضان ، والأعظم من ذلك هو شعور التكافل التراحم الذي يسير في خطين متوازيين وهما خط الفريضة وخط التطوع ، حيث الجميع مطالب بزكاة الفطر على سبيل الفريضة وندب الشرع من إستطاع إلى إفطار الصائم وسد حاجة المحتاج فيتذكر المرؤ ضعف الضعيف وجوع الجائع وحاجة المحتاج ويتذكر أجر مفطر الصائم وما للصدقة من أجر في رمضان فتجد أن المجتمع تعمه روح التكافل والتراحم
المحور الخامس : المحور الإيماني التعبدي
حيث يضاعف الله تبارك وتعالى الفريضة بأجر سبيعين والسنة بأجر الفريضة وفي هذا تحفيز وتنشيط للهمم أن تتسابق في طاعة الله تعالى ، ويخبر سبحانه أنه هو الذي يجزي على الصوم لا أحد غيره حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال""كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" [رواه الإمام البخاري في صحيحه ج2 ص226 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. بنحوه.] ، كما أن رمضان منحة لمغفرة الذنب قطع النبي صلى الله عليه وسلم على من لم يغتنمنها بالخيبة والخسارة حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم " خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أنظر معي إلى ما أودعه الله تعالى في هذا الشهر من نفحات وأعطيات حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)
وعنه أيضاً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)
و عنه أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قام لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ، ويكأنها فرص إذا فاتتك إحداها أدركت الأخرى وإذا فاتك الجميع فقد خسرت خسرانا مبينا ، ثم أتساءل معك ما هي العلة من تقسيم الله تعالى الشهر إلى ثلاثة أثلاث حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا لتحفيز الهمم وعدم غلق الباب أمام من أعتراه التقصير في أي من أيام الشهر،
ويكأن رمضان جاء ليقول لك:
يا من تقصر في صلاة الجماعة هلم إلى صلاة الجماعة فالفريضة بسبعين فريضة ،
يامن تبخل بمالك من فطر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص ذلك من أجره ،
يا من تؤذي الناس كف أذاك عن الناس حتى يصح صومك ،
لو أمعنا النظر في هذه المحاور لوجدنا أنا يد رمضان قد أمسكت " بعصا التحويلة " وجاءت كي تحولنا عن خط التقصير في جنب الله وتضعنا على المسار الصحيح ، على المسار الصحيح في الأخلاق والعبادات والمعاملات والإنفاق وفي كل شيئ ، ولكن هل فقه رسالة رمضان من عاد بعد رمضان كما كان قبل رمضان ؟؟؟؟؟!!! نسأل الله تعالى العافية
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Friday, August 7, 2009

لحن الحجة ولي عنق الحقيقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا تخلو حياة المرؤ من خصومة أو عداوة تقع بينه وبين أحد الناس ، وليس الخطر في الخصومةوإنما الخطر فيما يترتب عليها ، فقد يدفعه حب الإنتصار لنفسه والفوز في هذا الموقف إلى الخروج عن دائرة الحق والسقوط في الإثم وهذا ما نود تحليله في هذا المقال

إستهلال:

كان من دعاء النبي صلى الله عليه عليه وسلم " .... أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجمهور الناس على عكس ذلك بمعنى أن من رضي عنك أذاع خيرك وكتم شرك وهو هو نفس الشخص إذا غضب عليك أذاع شرك وستر وجحد خيرك ، والمقسطون الذين هم على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يدي الرحمن يمين كما جاء في حديثه صلى الله عليه وسلم هم الذين يعدلون في أنفسهم وأهليهم وما ولوا ، وقمة العدالة أن تكون مع الخصم ، وقمة العدالة أن تكون مع العدو

( 2 ) صور العدالة :

للعدالة صور كثيرة لا يختلف حولها الناس ولكن قلنا أن أهم صور العدالة نلخصها فيما يلي :

1-العدل مع الخصم حتى لو على النفس وذوي القربى :

الآية : 135 في سورة النساء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}

جاء في تفسير القرطبي في هذه الآية أن السلف الصالح رضوان الله عليهم كانوا يجيزون شهادة الزوجة لزوجها وشهادة الزوج لزوجته وشهادة الوالدين للولد والولد للوالدين ولما أحدث الناس أمور تغيرت بها العدالة وظهرت المنفعة من وراء الشهادة أبطلواهذه الشهادة هذه واحدة، يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه في تعليقه على هذه الآيه "أمروا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم " المعنى متضح هو أن ترسي الحقيقة وتظهرها وتجليها حتى ولو كانت هذه الحقيقة ضد مصلحة الإنسان أو والديه أو الأقربين بل ولربما فيها هلاكه وفي هذا يقول القرآن في سورة المائدة " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بل القسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ، إعدلوا هو أقرب للتقوى وإتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " سورة المائدة الآية رقم ( 8 ) جاء فيها أيضا في تفسير القرطبي "
ودلت الآية أيضا على أن كفر الكافر لا يمنع من العدل عليه ، وأن يقتصر بهم على المستحق من القتال والاسترقاق ، وأن المثلة بهم غير جائزة وإن قتلوا نساءنا وأطفالنا وغمونا بذلك ؛ فليس لنا أن نقتلهم بمثله قصدا لإيصال الغم والحزن إليهم ؛ وإليه أشار عبد الله بن رواحة بقوله في القصة المشهورة : هذا معنى الآية. وتقدم في صدر هذه السورة معنى قوله : { وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ } . وقرئ { وَلا يُجْرِمَنَّكُمْ } قال الكسائي : هما لغتان. وقال الزجاج : معنى { لا يُجْرِمَنَّكُمْ } لا يدخلنكم في الجرم ؛ كما تقول : آثمني أي أدخلني في الإثم. ومعنى { هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } أي لأن تتقوا الله. وقيل : لأن تتقوا النار." أي لا يجوز معاملة الأعداء بمثل معاملتهم ولا إنتهاج نهجهم من المناهج والأساليب الباطلة لإيصال الإيذاء إليهم كما آذوا المسلمين وفي هذا إشعار للعدالة مع الأعداء أيما إشعار

( 2) - العدل في إستيفاء الحق :

فمن صور العدالة مع الخصم العدل في إستيفاء الحق وعدم الزيادة عليه فيأخذ أكثر من حقه كما في قصة إستشهاد حمزة رضي الله عنه فقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم لما رأي عمه رضي الله عنه مقتولا ممثلا به ليمثلن بسبعين من المشركين وقال " والله ما أوقفتني قريش موقفا هو أغيظ لي من هذا الموقف " ولما رأي المسلمون ذلك كلهم أقسموا كقسم النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " سورة النحل والصبر خير من أخذ الحق أيضا في سورة البقرة في قول الله تعالى "الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن إعتدى عليكم فاعتدو عليه بمثل ما أعتدى عليكم واتقوا الله وأعلموا أن الله مع المتقين " سورة البقرة آية ( 194 )

( 3) - العدالة في عرض الحجة :

فعلى المرؤ أن يأتي بحجته مجردة عن الإنطباعات الشخصية أو التنميقات أو فصاحة اللسان وحلاوة البيان أو ما إلى ذلك من الأساليب الإعلامية التي يكون من شأنها لي عنق الحقيقة وصرف أنظار الناس إليه على أنه صاحب الحق وهو غير ذلك أو قد يكون صاحب جزء من الحق ويحاول بحجته وأسلوبه وبيانه أن يأخذ الجزء الآخر فكل ذلك مما نهى عنه الشرع الحنيف والسنة المطهرة ، وما أساليب وسائل الإعلام من صحافة وجرائد ومجلات وإذاعة وتلفزيون ومواقع نت بخافية أو بعيدة فقد يكون الشخص صاحب حق ويصوره الإعلام على أنه مجرم عتيد الإجرام وهذا كله حرام ولو إنتهج المظلوم هذا الأسلوب محاولة إلى وصوله إلى حقه أو بعض حقه لوقع بذلك في الحرام ،، وجاء في كتاب صحيح البخاري ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏زَيْنَبَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أُمِّ سَلَمَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ ‏ ‏أَلْحَنُ ‏ ‏بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا ‏" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا جاء الحديث بروايات متعدد نسوقها للفائدة:

( 1 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم تختصمون إلي ، وإنما أنا بشر ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم ، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة .

( 2 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا أسامة بن زيد الليثي عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت : جاء رجلان من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم يختصمان في مواريث بينهما قد درست ليس لهما بينة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم تختصمون إلي ، وإنما أنا بشر ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم ، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه ، فإنما أقطع له به قطعة من النار ، يأتي بها إسطاما في عنقه يوم القيامة ، قالت : فبكى الرجلان وقال كل منهما : حقي لأخي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إذ فعلتما فاذهبا واقتسما وتوخيا الحق ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه .

( 3 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن بشر الغنوي قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما أنا بشر ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فمن قطعت له من حق أخيه قطعة فإنما أقطع له قطعة من النار [ ص: 357 ]

( 4 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا ابن عون عن إبراهيم عن شريح أنه كان يقول للخصوم : سيعلم الظالمون حق من نقصوا ، إن الظالم ينتظر العقاب ، وإن المظلوم ينتظر النصر .

( 5 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن أبي زائدة عن عوف عن محمد قال : كان شريح مما يقول للخصيم : يا عبد الله ، والله إني لأقضي لك وإني لأظنك ظالما ، ولكني لست أقضي بالظن ، ولكن أقضي بما أحضرني ، وإن قضائي لا يحل لك ما حرم عليك .

من ثنايا الحديث فمن اللحن بالحجة إستغلال جهل القاضي أو السامع بمسألة معية والتوسع في ذكر تفاصيلها ومن اللحن بالحجة توسيع الأمر وتحميله ما لا يحتمل ومن اللحن في الحجة السبق بالشكوى ولبس لباس المظلوم وإدعاء الحق وفي هذا يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه " من جاء مفقوء العين فلا تحكم له فلربما فقأ عيني الآخر " يعني هذا أنه على السامع والقاضي ألا ينساق وراء التضليل الإعلامي الذي يحدث فلربما نسج أحد الخصمين حول نفسه غلالة من المسكنة وهو في الحقيقة كاذب أو ربما ظالم ومن أعظم الجنايات المبنية على رغبة النفس في الإنتقام والتشفي ولي عنق الحقيقة هي شهادة الزور واليمين الغموس وهي من قبيل لي عنق الحقيقة واللحن بالحجة أيضا فهما قد إتحدا في العلة وكما يقول علماء الأصول أن الإتحاد في العلة يعطي نفس الحكم ، اللاحن بحجته يلحن ليكسب موقفا كذلك الشاهد بالزور يشهد ليكسب شخص موقفا ربما يعود بالنفع عليه ومثله مثل الحالف باليمين الفاسقة ولهذا عدها النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر وعن أبي بكرة – – قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله و عقوق الوالدين و جلس وكان متكئاً فقال : ألا و قول الزور " قال : فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت ". رواه البخاري و مسلم ، قال ابن حجر في قوله: " و جلس و كان متكئاً " يشعر بأنه اهتم بذلك حتى جلس بعد أن كان متكئاً ، و يفيد ذلك تأكيد تحريم الزور وعظم قبحه ، و سبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعاً على الناس ، و التهاون بها أكثر ، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم ، و العقوق يصرف عنه الطبع ، و أما الزور فالحوامل عليه كثيرة ، كالعداوة و الحسد وغيرها ، فاحتيج للاهتمام بتعظيمه و ليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها من الإشراك قطعاً ، بل لكون مفسدة الزور متعدية إلى غير الشاهد بخلاف الشرك فإن مفسدته قاصرة غالباً.إنتهى

** الشاهد :
علينا جميعا أن نبتعد عن اللحن بالحجة وألا نعيب على الناس أفعالهم و نأتي بها فلك أن تتخيل أن أحد الناس كان خصما لك وفاقك في صياغة حجته وأنت صاحب الحق حتى عمى على القاضي الحقيقة وإنتزع حقك ماذا يكون شعورك تجاهه ؟؟؟
ألا هل بلغت .... اللهم فأشهد
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى


Wednesday, June 24, 2009

نصر للإسلام رأيته بعيني - تسجيل فيديو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يظنن ظان أن هذا العنوان للدعاية أو للعب بالعواطف ولكنها فعلا حقيقة رأيتها بعيني هنا في العاصمة الإمارتية أبو ظبي وتحديدا في مسجد محمد بن زايد وهو من أكبر مساجد العاصمة ، في خلال إقامتي شهدت ثلاثة حالات لإشهار الإسلام ، و لكم كان هذا الموقف رهيبا ترتجع فيه المشاعر وتهتز ، حتى أنه في أحد هذه المواقف وقف هذا الوافد الجديد على الإسلام بجوار إمام المسجد حتى يشهر إسلامه أمام جموع المصلين وبعدما إنتهى الإمام من تلقينه للشهادة وأنتهى هو من ترديدها خلفه بصعوبة بالغة نظرا لعدم معرفته بالعربية تعالت أصوات التكبير بالمسجد ورأيت بعيني أناسا يبكون من الفرح بإسلام هذا الرجل وبقدوم وافد جديد على الإسلام ، ولكم هي مشاعر لا يعرفها إلا من أحسها ففي كل مرة يقول الإمام إلتمسوا منه الدعاء فإنه مغفور الذنب ، هل تتخيل معي أنك أمام رجل أنجاه الله من النار وأخرجه من الظلمات إلى النور ومحى خطاياه السابقة وحطها عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " والإسلام يجب ما قبله " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام إلتمسوا منه الدعاء فإنه مغفور الذنب ، شخص نجا من النار وأخرج من الظلمات إلى النور ومحيت خطاياه وأبدله الله بها حسنات وفتحت له صحيفة أعمال بيضاء ناصعة البياض ياله من خير عميم وفضل كبير ، وإكمالا لجلال المشهد بعد تكبير المصلين وتعالي الأصوات بالتكبير تراهم يصرون على مصافحته ومعانقته كأن بينهم أشد أواصر الدم وصلة القربى أنه الإسلام لا سواه وهو الله جل في علاه الذي زرع في القلب حب رجل لا تعرفه و البعد بينكما بعد المشرقين ولكنك تجد له حبا في قلبك ربما يفوق حب نفسك .... بصراحة لا أجد تعبيرا يفي بجلال هذا الموقف وحساسيته وثارت في خاطري تساؤلات عدة ، كيف جاء هذا الرجل إلى الإسلام ؟؟ هل بذل المسلمون جهدهم لإخراجه من الظلمات إلى النور ؟؟ هلى يحمل المسلمون هم نصرة الإسلام وتبليغه إلى ما عداهم من غير العرب أو من من لم تبلغهم الرسالة ؟ أذكر يوم أن كانت صحيفة الشعب - فك الله أسرها هي وكل مأسور - تصدر قامت بعمل تحقيق صحفي عن المسلمين في جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق بعيد إنهياره وساق المحرر صورة لرجل مسن يبكي وعلق تحتها " هذا الشيخ قبل يدي وبكى لأني عربي وقادم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنظر معي إلى هذا التعليق أن المسلمين العجم يظنون أنه طالما أنت عربي فأنت لك صلة برسول الله صلى الله عليه وسلم بل وينظرون إليك على أنك منبع الدين ومنهله والحقيقة كلنا يعلمها ، أذكر أن أحد الدعاة أخبرني أنه كان يلقي محاضرة في مركز إسلامي بالولايات المتحدة الأمريكية وبعد إنتهائه قام أحد الجالسين وصافحه وبكى وقال له " إن الله تعالى سيسألكم عن والدي الذي مات على النصرانية لما لم تبلغوا له هذه الرسالة ؟؟" هل نستشعر نحن هذه المسؤولية حيال هؤلاء القوم بل هل نكون عند ظنهم بنا ، أعود إلى تلك الحادثة موضوع المقال فهذا الرجل إهتدى للإسلام ليس عن جهد من أبنائه وإنما عن بحث ودراسة قام هو بها حتى شرح الله قلبه للإسلام هكذا هو ومن سبقوه ما بالنا نقصر في أداء المهمة التي أنيطت بأعناقنا ؟؟ لما هذا التكاسل والتراخي حيال الأمانة التي حملناها ؟؟ إن هذا الرجل وسابقيه قد إهتدوا للإسلام دون جهد منا فماذا لو قمنا بالتبليغ كما أمرنا ؟؟ شاهدت أحد المسلمين الأمريكان وحاورته و شعرت تجاهه بشفقة عارمة لأنه يجهل أمورا لا يصح إسلامه إلا بها ، إن أكاليلا من التقصير تكلل رؤوسنا حيال إسلامنا وحيال الإنسانية جمعاء ما أصدق قول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله " الإسلام قضية رابحة في أيدي محامين جهلاء " ، في موطن إسلام هذا الرجل من الله علي بتسجيل هذه الحادثة وأريد منكم أن تشاهدوها وتشاهدوا نعمة الله التي نرفل فيها ونحن لا ندري ، نعمة أنك مسلم ، ونعمة أنك عربي
والآن أترككم مع التسجيل

Tuesday, May 5, 2009

السعادة .... بين الحقيقة والمفهوم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتذكرون تلك القصة ... قصة العصا والجزرة ...ركب الفلاح ظهر حماره ومعه عصاتان ، عصى يلهب بها ظهر حماره وعصى أخرى علق فيها جزرة ووضعها أمام رأس الحمار ، فكان الحمار كلما نظر إلى الجزرة أسرع طلبا وكلما تعب من تحصيل طلبه أسرع أيضا من جراء لهيب العصا الأخرى ، هذه القصة هي قصتنا نحن .... فالجزرة هي الأمل والأماني والعصا هي الكد والجهد والتهب وذلك الظهر هو البدن والراكب فوق الحمار هو العقل ، هذه الجزرة التي لا تدرك أبدا هي الأماني والسعادة والراحة والفرح والسرور الذي يطمع الإنسان بتحقيقه دوما ، كسراب الصحراء تلهث وراءه حتى إذا جئت لموقع عينك تباعد هذا الماء حتى صار في مرمى البصر وهكذا ... أجريت إستقصاء- في منتدى من المنتديات ومع مجموعة من الزملا ء - حول هذه القضية فكانت النتيجة مفاجأة :

أولا : لا أحد يملك تعريفا محددا للسعادة

ثانيا :المفاجأة الأخرى والأعجب هو أنني عندما سألت هل أنت سعيد أم لا ؟ كانت الإجابة بنسبة 100% كلهم سعداء فعجبت كيف يكون القوم لا يملكون تعريفا دقيقا للسعادة مع ذلك هم سعداء

ثالثا : بنسبة 100% أيضا كلهم علق تحقيق السعادة بآمال لم تتحقق بعد أو وضع لها شروطا عندما تحدث سوف يكون سعيدا مما يعني أنه ليس سعيد ، فكيف أجاب هؤلاء أنهم سعداء

رابعا : من نتيجة هذا الإستقصاء تبين أننا نتكلم عن معنى غير مدرك أو حسب تعبير أحد المشاركات في الإستقصاء أنه تعبير ميتافيزيقي ( غيبي أو فيما وراء الطبيعة )

غير أنني أستطيع بعد بحث وتقصي أن أسوق تعريفا للسعادة وأنها " حالة من السلام النفسي والطمأنينة والسكينة يعيشها الإنسان مع نفسة ومع من حوله " سلام نفسي يتقبل الإنسان فيه نفسه ويتقبل من حوله ويقنع بما أعطاه الله له فتسكن نفسه ويطمئن قلبه ، ولك أن تتصور ما أصعبها من حياة عندما يعيش الإنسان رهين محبسين ، المحبس الأول هو ذكرياته الماضية وأحداثها المؤلمة فيبكي عليها وعمره القادم يحمل هم ما ستكون عليه الأيام التوالي ، فتضيف الأيام إلى الذكريات ما يستدعي البكاء عليه ولا يزال الهم على القادم موجودا فيقضي الإنسان سحابة عمره في كآبة حتى يموت والسؤال هنا :

هل خلقك الله لتعيش تلك الحياة الكئيبة ؟؟

الإجابة طبعا لا

يقول الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله " إن الحياة ليست رحلة من شقاء في نهايتها حكم بالإعدام " طبعا ليست هكذا

إن الله تعالى جعل الحياة فرصة كي نحياها ونقضيها في طاعته تبارك وتعالى لا أن نعيش بين هم وحزن كما جاء في حديثه صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر والرجال " يقول بن القيم رضي الله عنه الهم يكون على المستقبل والحزن يكون على مافات ، ولقد فكرت مليا في الحكم الشرعي فيمن إستبد به اليأس فقتل نفسه وكيف أنه خالد في النار وكيف أن بعض الفقهاء حكم بكفره فوجدت أنه حكم ما أعدله كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " .... يبعث يوم القيامة مكتوب على جبينه آيس من رحمة رحمة الله " ذلك لأنه لم يتذكر أن الأمور تجري بمقادير الله وأن الله لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء فترك نفسه للقلق يستبد بها حتى شط عقله فهلك ، ثم ماذا بعد أن تحزن على مافات وتحمل هم ما هو آت هل في نفع لما أنت فيه ؟؟؟ الإجابة طبعا لا

جاء في تفسير قول الله تبارك وتعالى في سورة النحل الآية : 97 {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} في تفسير مفاتح الغيب لفخر الدين الرازي رضي الله عنه :

واعلم أن عيش المؤمن في الدنيا أطيب من عيش الكافر لوجوه: الأول: أنه لما عرف أن رزقه إنما حصل بتدبير الله تعالى، وعرف أنه تعالى محسن كريم لا يفعل إلا الصواب كان راضيابكل ما قضاه وقدره، وعلم أن مصلحته في ذلك، أما الجاهل فلا يعرف هذه الأصول فكان أبدا في الحزن والشقاء.وثانيها: أن المؤمن أبدا يستحضر في عقله أنواع المصائب والمحن ويقدر وقوعها وعلى تقدير وقوعها يرضى بها، لأن الرضا بقضاء الله تعالى واجب، فعند وقوعها لا يستعظمها بخلاف الجاهل فإنه يكون غافلا عن تلك المعارف، فعند وقوع المصائب يعظم تأثيرها في قلبه.وثالثها: أن قلب المؤمن منشرح بنور معرفة الله تعالى، والقلب إذا كان مملوءا من هذه المعارف لم يتسع للأحزان الواقعة بسبب أحوال الدنيا، أما قلب الجاهل فإنه خال عن معرفة الله تعالى فلا جرم يصير مملوءا من الأحزان الواقعة بسبب مصائب الدنيا.ورابعها: أن المؤمن عارف بأن خيرات الحياة الجسمانية خسيسة فلا يعظم فرحه بوجدانها وغمه بفقدانها، أما الجاهل فإنه لا يعرف سعادة أخرى تغايرها فلا جرم يعظم فرحه بوجدانها وغمه بفقدانها.وخامسها: أن المؤمن يعلم أن خيرات الدنيا واجبة التغير سريعة التقلب فلولا تغيرها وانقلابها لم تصل من غيره إليه.واعلم أن ما كان واجب التغير فإنه عند وصوله إليه لا تنقلب حقيقته ولا تتبدل ماهيته، فعند وصوله إليه يكون أيضا واجب التغير، فعند ذلك لا يطبع العاقل قلبه عليه ولا يقيم له في قلبه وزنا بخلاف الجاهل فإنه يكون غافلا عن هذه المعارف فيطبع قلبه عليها ويعانقها معانقة العاشق لمعشوقه فعند فوته وزواله يحترق قلبه ويعظم البلاء عنده، فهذه وجوه كافية في بيان أن عيش المؤمن العارف أطيب من عيش الكافر هذا كله إذا فسرنا الحياة الطيبة بأنها في الدنيا.والقول الثاني: وهو قول السدي إن هذه الحياة الطيبة إنما تحصل في القبر.
ثانيا : مفاتيح السعادة :

1-الرضا والقناعة :

وهذه أعظم العطايا وأجل النعم ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " ارض بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه " القناعة كنز لا ينبو " أي لا يفنى وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر الغفاري رضي الله عنه فقال " أنظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هو فوقك لإنه أجدر ألا تزدري نعمة الله عندك " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فعن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله --: (يَقُولُ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ قَلْبَكَ غِنًى، وَأَمْلأْ يَدَيْكَ رِزْقًا، ابْنَ آدَمَ لا تَبَاعَدْ عَنِّي فَأَمْلأْ قَلْبَكَ فَقْرًا، وَأَمْلأْ يَدَيْكَ شُغْلا) رواه الحاكم والطبراني، وصححه الألباني. وما أصدق وأروع الحديث النبوي "من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" (رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وقال: حسن غريب، وابن ماجة). أنظر لكم هي بسيطة وسهلة هذه الدنيا التي نكد ونتعب في تحصيلها بل ونتقطع حسرات عليها .... عنده قوت يومه ومعاف في بدنه آمنا في سربه أي في أهله فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها أتدرون لماذا ؟؟؟؟ لأنه لا يناله من الدنيا إلا هذه الأشياء وما زاد عنها يتركه وينصرف ... ما بالنا ننشغل بالمفقود ونغفل عن الموجود ؟؟؟

2-السيطرة على الذات :

ما هي نظرتك لإنسان تتحكم فيه شهواته وعواطفه ؟؟؟ ما هي نظرتك لإنسان كل همه من الدنيا أن يأكل ويشرب ويتزوج ويتأنق في هذه الأشياء فقط ؟؟؟ بالتأكيد ستنظر إليه على أنه إنسان خاوي الوفاض بل إن قيمة الإنسان الحقيقة تكمن في التحكم في هذه الأشياء لا أن تتحكم هي فيه ، ولقد تدبرت طويلا العبرة من العبادات الإسلامية السهل منها والصعب والعبرة منها ؟؟ ثم ما هي الحكمة من عبادة كعبادة الصوم تكسر شوكة النفس وتلزمها الرغام ؟؟؟ بالتأكيد العبرة من هذه العبادات والهدف منها هي رياضة النفس ( الرياضة من الترويض ) حتى يسلس لك قيادتها وطبعا قبلها إلتزام طاعة الله تبارك وتعالى إذا ففي إلتزامك بالعبادات قيادة لنفسك وجعلها تحت تحكمك ، قال بعض العلماء: "أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك ويقولون أيضا " القيادة طريقة متكاملة في الحياة تبدأ بالسيادة على النفس والتحكم في العواطف والحالة الذهنية "
3- السيطرة على المشاعر والعواطف :
فهذه النقطة أيضا وإن كانت من الممكن أن تندرج تحت النقطة السابقة إلا أنني رأيت أهمية فصلها لتبان خطورتها وأحقيتها بالإبراز ، فالحب والكره والرضا و الغضب هذه الأشياء كفيلة بأن تخرج الإنسان عن الحق وتجره إلى الباطل أيضا فالإنسان إذا أحب شيئا تعذب من أجله وإذا أبعض شيئا تعذب منه وهكذا و لأهمية هذا الأمر يبن لنا الله تبارك وتعالى أن الحكم المبني على هذا الأمر هو حكم في الغالب مجانب للصواب ، يقول تعالى: (كتب عليكم القتال، وهو كره لكم، وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وانتم لا تعلمون) .. فالقتال تكرهه النفس إلا أن الخير فيه والراحة تحبها النفس إلا أن الشر فيها وهذا دليل على خطأ الحكم المتكون بناءا على العاطفة ، ولقد عجبت كل العجب لماذا لا يحكم القاضي وهو غضبان؟؟؟ ، وأيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا طلاق مع إغلاق " والإغلاق هو شدة الغضب ، فكمال شخصية الإنسان يرجع إلى تحكمه في عواطفه وشدة تقييدها فقد كان من أوصافه صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الناس خلقا وخلقا " كان حلمه يسبق جهل الجاهل " وأيضا " كان لا يزيده جهل الجاهل إلا حلما ، يقول ألبرت أينشتاين صاحب النظرية النسبية - وإستدلالنا بقوله من باب أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها - " تقدر القيمة الحقيقية للإنسان بدرجة تحكمه في ذاته " فمن المعلوم عند العقلاء أن الإنسان الذي تذهب به موجات الغضب والرضا كل مذهب إنسان هوائي لا قيمة له يرضى ويسخط لأقل الأسباب ولذلك كان من دعاء محمد صلى الله عليه وسلم " أسألك القصد في الفقر والغنى وكلمة الحق في الغضب والرضا " يقول بن القيم تعليقا على هذا الدعاء " فمن العباد من يخرجه غضبه عن قول الحق " يقول الله تعالى في سورة المائدة " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " المائدة الآية رقم 8 ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نعمة الولد " الولد مبخلة مجبنة محزنة " فإذا مرض حزنت وإذا مات حزنت وأنت دائما في هم من أجله ، لذلك فحريتك من عواطفك وأهوائك دليل على كمال شخصيتك وكمال حريتك ومن ثم كمال سعادتك ، وما أكثر ما تواترت به النصوص والأحاديث في ذم إتباع الهوى وذلك لخطورته على الشخصية وتركيبها وعلى النفس وبنائها بل وعلى المجتمع كله ، وما سمي الهوى هوى إلا لأنه هوى بصاحبه ، أستطيع أن أقول لك أن تحكمك في عواطفك سر سعادتك في الدنيا والآخرة ، قد يرد قائل بأن هذا أمر من الصعب فأجيبه من السنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن لم يستطع أن يتحكم في مشاعرة فليقتصد فيها وكم شهدت التجربة بصدمات للناس في أناس أحبوهم يقول الأمير بن صمادح :
وزهدني في الناس معرفتي بهم وطول إختباري صاحبا بعد صاحب

فلم ترني الأيام خلا يسرني
بوادية إلا ساءني في العواقيب
ولا صرت أرجوه لدفع ملمة
من الدهر إلا كان إحدى النوائب
فليس معي إلا كتاب صحبته
يؤانسني في شرقها والمغارب

4-لا تشغل ذهنك بما حولك :
يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه " رضى الناس غاية لا تنال " ويقول السلف " من راقب الناس مات كمدا " فلا تتطلع إلى رضى الناس فلن تستطيع أن تجمع رضاهم ومن راقب رضى الناس جاءت تصرفاته كردود أفعال فظهر بمظهر المتردد الذي لا حقيقة له بل قد يدفعك رضا الناس إلى سخط الله والعياذ بالله ، فمن الناس من يستولي عليه الهم والحزن لأقل نقد يتعرض له وهذا طبعا خطأ يقول العقاد " الإنسان الذي يخشي النقد شخص قليل العظائم " يقول الحكماء" إذا أردت أن تتجنب النقد فلا تقل شيئا ولا تفعل شيئا ولا تكن شيئا " ، فقط يكفيك ان تحتكم في صحة هدفك للكتاب والسنة وهما لا تلتبس بهما الأهواء وحدد هدفك و سرعلى بركة الله وتذكر قول الغزالي " أنت نسيج وحدك " وكمن من عظيم أبصر أمرا وعده الناس مجنونا وحتى إذا حصله أدركوا أنه كان محقا وكانوا هم مخطئون ، ثق في رأيك وتفكيرك وعقلك يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه "رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب "
5- الغنى عن الناس :

عجبت لدعاء محمد صلى الله عليه وسلم " وأسألك الغنى عن الناس " ويقول النبى صلى الله عليه وسلم موصيا أحد صحابته رضي الله عنهم " إزهد فيما عند الناس يحبك الناس " فقد جبل الناس على حب من يزهد فيما في أيديهم وبغض من يتطلع إلى ما عندهم وهذا من أعظم أبواب تحصيل السعادة أن تؤدي النفع للناس وأنت غني عنهم دون إنتظار أجر ومثوبة إلا من الله تعالى ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير الناس أنفعهم للناس " وقال أيضا عندما سئل عن خير العمل فقال " سرور تدخله على قلب مسلم " يقول السلف " من إعتمد على الناس الناس مل ومن إعتمد على ماله قل ومن إعتمد على علمه ضل ومن إعتمد على عقله إختل ومن إعتمد على الله فلا قل ولا مل ولا ضل ولا ذل ولا إختل " ، ففي الأزمات والملمات لا تتعلق إلا بالله ولا ترجون إلا الله ، فبعض الناس عندما تنزل به نازلة يلجأ إلى الناس ويحزن عندما لا يغيثوه وتلك طبيعتهم ولو أنزل أمره بالله لوجده أقرب إليه من حبل الوريد قال صلى الله عليه وسلم (من نزلت به فاقةٌ فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل) [رواه الترمذي وصححه الألباني] .
6-التعامل مع الأزمات والملمات :

قد يقول قائل تدعونا إلى السيطرة على المشاعر والإقتصاد في الشعور فكيف نتعامل مع الأزمات والملمات فنقول نتعامل معها بالرضى بقضاء الله وقدره والتسليم لأمره فالله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب وتذكر قول الله تعالى " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن برأها إن ذلك على الله يسير ، لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور " سورة الحديد الأيتين 22 ، 23 ، لا تجمع عليك شدتين شدة الأزمة وشدة شعورك بالحزن فمشاعرك وعواطفك هي أعدؤك وكلل كل ذلك بالرضا والصبر والشكر ، يقول الشاعر :

قل لمن يحمل هما
إن همك لا يدوم

مثلما تفنى السعادة
هكذا تفنى الهموم

ويقول الشاعر أيضا :

كن عن همومك معرضا
وكل الأمور إلى القضا

وانعم بطول سلامة
تسليك عما قد مضى

لفربما تسع المضيق
ولربما ضاق الفضا

ولرب أمر مسخط
لك في عواقبه رضا

الله يحكم ما يشاء
فلا تكن متعرضا

7- قصر الأمل أو حصار الأمل

بدنا هذه الكلمات بالكلام عن الأمل وكيف أنه سوط لاهب يلهب الظهر ويثقل الكاهل وما أروع ما وصف أحد الزهاد به الدنيا فقال " ترقب جميل لكنه يتنغص ، وظل ظليل لكنه يتقلص ، ومطامع وراء الأودية والمفاوز ، وما هو لما قدر له بمجاوز ، فأنغاسه قبل كل ذلك تعد ، ورحاله تشد ، وعريته ترد ، والتراب من بعد ذلك ينتظر الخد ، وما عقبى الباقي إلا اللحاق بالماضي ، وعلى أثر من سلف يمضي من خلف ، وما هو إلا أجل محدود وأمل مكذوب " عن عبد الله – رضي الله عنه – قال : (خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا , وخط خطا في الوسط خارجا منه , وخط خُططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط وقال : (هذا الإنسان وهذا أجله محيط به , أو قد أحاط به , وهذا الذي هو خارج أمله وهذه الخطط الصغار الأعراض , فإن أخطأه هذا , نهشه هذا , وإن أخطأه هذا نهشه هذا ) وفي رواية من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطا فقال : ( هذا الإنسان وهذا أجله فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب ) ,

هذا هو ما رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فهمت من الحديث

يقول الدكتور خالد المنيف ( كاتب سعودي ) في مقالة بعنوان صناعة السعادة عن هذا المعنى فسماه مهارة الاستمتاع باللحظة و فن تقدير الموجود يقول الشاعر الانكليزي جون ملتون صاحب ملحمة الفردوس المفقود :في وسع العقل أن يخلق وهو في مكانه....جحيما من الجنة أو نعيما من الجحيم ، يقول احد الفلاسفة من لم يسعد بما في يديه فلن يسعد بما سوف يأتيه في المستقبل ، والقاعدة تقول استخدم الشيء وإلا خسرته ،إستمتع بنعم الله عليك وما وضع بين يديك إنتهى . الحياة ما هي إلا مجموعة من التصورات وليس فيها حقيقة فهي إما أن تزول عنها أو تزول عنك ، وسعيك فيها هو تصوراتك فتصور نفسك ناجحا تكن بإذن الله ناجحا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " تفاءلوا بالخير تجدوه " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

في الخاتمة :

لست أزعم أني أول من كتب في هذا الموضوع ولست آخر من يكتب لكني أزعم أن ما جاء في هذا المقال ما هو إلا خبرتي في حياتي لذلك أسألك الله تعالى أن ينفع بها من قرأها

اللهم إني أسألك إنابة لا رجعة فيها ولا حور يا مصلح الصالحين ويا هادي الضالين ويا راحم المذنبين .... اللهم آمين

نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Wednesday, April 8, 2009

ثقافة الإدعاء والتظاهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعترف أمامكم أنني تلكأت كثيرا في كتابة هذا المقال وربما راودتني أفكار إلغائه أصلا وهذا لأسباب عدة منها الخوف من أكون مندرجا تحت ما يأتي فيه ، ومنها أني رأيت أنني لست من أهل التخصص في الحديث في هذا الأمر، ثم ثار في خاطري ثائر حدى بي إلى الكتابة خوفا من كتمان العلم ورهبة من عذاب الله تعالى وما رصدته من إنتشار هذه الظاهرة وسيطرة هذه الثقافة داخل أوساط العاملين للإسلام وحتى في خارجه فيما يخص أمور الدنيا ، وحتى يشترك القارئ معي في تفهم الظاهرة حتى ندلف منها إلى التعميق والتأصيل نقول :
رصدت أول ما رصدت أناسا ليسوا من أهل العلم يدعون العلم ويزاحمون العلماء ، وأناسا ليسوا من أهل التربية يزاحمون المربين ، وأناس ليسوا من أهل القيادة ويزاحمون القادة ، وأناس ليسوا من أهل التحدث في قضية معينة وتجدهم يدلون بدلوهم فيها ويتحدثون حتى يصيرون هم المرجع فيها ، مما يعني إقصاء العلماء على وجه الحقيقة ، والظاهرة في خطورتها هي أن هؤلاء - تعالوا نسميهم " المدعين " - ليست المشكلة في تصدرهم وإنما المشكلة في إزاحتهم لأهل التخصص فيها مما يعني سيادة الجهل والسطحية والقشرية والمظهرية وعدم إصابة الحقيقة
أولا : التعريف بالظاهرة :
هي تعني إدعاء بعض الناس علمهم بمسألة معينة أو علم معين أو تخصص معين والتصدر له على أنهم المرجع والمعلم له مما يدفعه إلى الإدلاء برأيه بغير علم والعصبية لرأية للمحافظة على الصدارة التي حصل عليها ألا وهي الأستاذية المزعومة أمام العامة وأمام الذين لا يعلمون ( هذا في كافة مظاهر الحياة على العموم )
ثانيا : سمات المدعي :
1-تعصبه الشديد لرأيه في المناقشات ولجوءه إلى الآراء الإقصائية بالنسبة للآخر
2-في حديثه حرصه على غريب العلم والنقول الغريبه والأقوال المتقعرة والآراء الشاذة وذلك للفت النظر والإنتباه ، فتجده يحرص على النقول الخاصة بأسماء العلماء الكبار وذكر أسمائهم مع نقوله ليس من قبيل نسب القول إلى قائله وإنما من قبيل إظهار أنه قارئ واسع الإطلاع
3-المسارعة إلى العلوم الحديثة أو الجديدة نسبيا سعيا للتفرد والتميز، فلا يكاد يبرز علم معين إلا وتجده إما دارسا له أو متحدثا فيما يخصه
4- غالبا بعد أن تحصل هذه الشخصيات علما معينا ما تتوقف عن التقدم فيه أو في غيره مكتفيا بأنه عرف عنه أنه يدرس كذا أو قد حصل على كذا
5-تصيده للأخطاء في المناقشات والحوار وإظهار إحتكاره للحقيقة
6-ربما في بعض الحالات الميل للتحدث عن الذات وما حققه من إنجازات
7- التهكم والسخرية على آراء الآخرين
ثالثا: خطورة الظاهرة :
تكمن خطورة الظاهرة فيما يلي :
1-تصدر من لا يستحق وتوليه مكانة ليست له مما يؤثر على العمل تأثيرا سلبيا وقد يودي به بالكلية
2-حبطان العمل بالكلية وذلك لمنافاة هذه الظاهرة للإخلاص
3-تنحية من يستحقون عن الصدارة والقيادة وتولي مقاليد الأمورلأناس لا يستحقونها
4-خطورة على الفرد نفسه - المدعي ذاته - لأنه ربما يكون لا يدري أنه مريض بهذا المرض وهو بهذا يسيئ من حيث يظن أنه محسن وهنا تقع المسؤولية على عاتق المربين بالتبصير بحقيقة هذه الظاهرة فور نشأتها
أعتقد أننا من هذه المقدمة نستطيع أن نبصر أن المدعين موجودون حولنا في كل مكان في العمل وفي الشارع وفي العمل الإسلامي وفي السياسة والإقتصاد وفي كل مظاهر الحياة ولكن كما يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه " شر الأزمنة أن يتبجح الجاهل ويسكت العاقل ولكن القبة الجوفاء لا ترجع غير الصدى ليس العلم بكثرة التعلم إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده " قبل أن ننتقل إلى نقطة الأدلة الشرعية نود أن نسوق هذه التفرقة الهامة حتى يكتمل المعنى :
رابعا : الفرق بين الإدعاء والرياء وحب الظهور :
هذان الداءان يشتركان مع بعضهما لبعض في أن كلا منها هدفه صرف الأنظار وجلب الإهتمام وجعل صاحب محل تقدير وإحترام من قبل الناس وهو في الغالب لا يستحقه ، غير أنني أرى أن " الإدعاء " يختلف عن الرياء وحب الظهور في أن المرائي يرائي بعمله ومحب الظهور لديه رصيد من العمل من وجهة نظره هو يستحق به أن يظهر وأن يقدم ، غير أن مرض الإدعاء هذا يكون بالباطل وليس لديه ما يستحق الظهور به وإنما الأمور ربما تكون محض أقوال وإفتراءات ، وإذا كان الرياء في فقه السلف رضي الله عنهم أكبر من أي كبيرة ( راجع في ذلك إحياء علوم الدين ) فإنني أرى أنه لا يقل خطورة عنه وربما يكون حسب المقارنة السابقة أشد خطورة منه لأنه يستحق المقت من الله تعالى
خامسا : الهدف :
أهدف من هذا المقال رصد هذه الظاهرة وفصل معالمها ثم البعد عن أن أكون عليم اللسان فصيح البيان خاوي الأفعال والعياذ بالله أن أفعل خلاف ما أقول فأستحق مقت الله تعالى ، أحذر نفسي وإخواني من تصدر الناس في صورة الأستاذية ونحن لسنا أهل لذلك وقد أحصينا في كتب السلف غير واحد منهم هو في الحقيقة إمام ولكنه يتورع عن التصدر والتحديث والتعليم فما بالنا صرنا على هذا الأمر أجرأ كاننا في مأمن مما كانوا منه يخافون
سادسا : الأدلة :
أولا : القرآن الكريم :
1- يقول الله تعالى في سورة آل عمران {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الآية : 188
{وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} إذا كانت الآية في أهل الكتاب لا في المنافقين المتخلفين ؛ لأنهم كانوا يقولون : نحن على دين إبراهيم ولم يكونوا على دينه ، وكانوا يقولون : نحن أهل الصلاة والصوم والكتاب ؛ يريدون أن يحمدوا بذلك.
2- الآية : [2] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ}الآية : [3] {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}
أنقل تعليقا من تفسير القرطبي بتصرف على هذه هاتين الآيتين :
وقال الشافعي وعموم الآية حجة لنا ، لأنها بمطلقها تتناول ذم من قال ما لا يفعله على أي وجه كان من مطلق أو مقيد بشرط.
قال النخعي : ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} ، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ}. وخرج أبو نعيم الحافظ من حديث مالك بن دينار عن ثمامة أن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت" قلت : "من هؤلاء يا جبريل" ؟ قال : "هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ولا يفعلون ويقرؤون كتاب الله ولا يعملون". وعن بعض السلف أنه قيل له : حدثنا ؛ فسكت. ثم قيل له : حدثنا. فقال : أترونني أن أقول ما لا أفعل فاستعجل مقت الله!.
فما بال أحدنا يتصدر الناس واعظا أو خطيبا أو معلما أو مربيا وهو ليس أهلا لذلك ولا يفعل بما يقول بأي دعوى ندعي وبأي ذريعة نتذرع لنطرح عنا هذه الدعوى وتلك الذرائع ويختلي كل واحد منا بنفسه وينظر في أمر فعله أهو له أم عليه
ثانيا الحديث الشريف :
1- الحديث الأصل في هذا الموضوع هو :
حدثني محمد بن المثنى حدثني يحيى عن هشام حدثتني فاطمة عن أسماء أن امرأة قالت: يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. رواه البخاري؟ المعنى الظاهر من الحديث هي أن السائلة تقول إن لها ضرة والضرة هي الزوجة الأخرى فهل عليها إثم إن إدعت أو تظاهرت أمامها أن زوجها يعطيها ما لم يعطيها كنوع من كيد النساء فكانت إجابة النبي صلى الله عليه وسلم ما سمعنا وما قرأنا ، يوضح الإمام النووي رضي الله عنه قال النووي في شرح مسلم عند شرح هذا الحديث: قال العلماء معناه المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور قال أبو عبيد وآخرون هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد والعبادة والورع ومقصوده أن يظهر الناس أنه متصف بتلك الصفة ويظهر من التخشع والزهد أكثر مما في قلبه فهذه ثياب زور ورياء، وقيل هو كمن لبس ثوبين لغيره وأوهم أنهما له، وقيل هو من يلبس قميصاً واحداً ويصل بكميه كمين آخرين فيظهر أن عليه قميصين، وحكى الخطابي قولاً آخر أن المراد هنا بالثوب الحالة والمذهب والعرب تكنى بالثوب عن حال لابسه ومعناه أنه كالكاذب القائل ما لم يكن، وقولاً آخر أن المراد الرجل الذي تطلب منه شهادة زور فيلبس ثوبين يتجمل بهما فلا ترد شهادته لحسن هيئته. والله أعلم. انتهى.
ولقد ناقشت أحد العلماء ذات مرة في هذا الحديث فقال لي إن الإدعاء كذب بالفعل كما هو معروف عن الكذب أنه بالقول
2- قال : (( من تعلم العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار )) رواه الترمذي.
3- قال رسول الله : (( من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة )) رواه أبو داود
4-عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله قال:((إن من أحبكم إلي ، و أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، و إن أبغضكم إلي و أبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون ، و المتشدقون ، و المتفيهقون ))، قالوا : قد علمنا " الثرثارون و المتشدقون " فما " المتفيهقون ؟ " قال : ((المتكبرون))
الثرثار: كثير الكلام تكلفا"
المتشدق: المتكلم بملء فمه تفاصحا" تعظيما" لكلامه.المتفيهق: الذي يملأ فمه بالكلام , ويتوسع فيه , ويغرب به تكبرا" وارتفاعا" وإظهارا" للفضيلة على غيره "
5-جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة . . . قال صلى الله عليه وسلم : " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال : وكيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " [ رواه البخاري ]
ثم أليس في تصدر الأدعياء وتنحي الأصلاء توسيد للأمر إلى غير أهله وتضييع للأمانة نسأل الله العافية
6-حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " رواه مسلم
أليس كل دعي في أي مجال رأسا من هذه الرؤوس الجهال
يقول أبو الأسود الدؤلي :
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا كي ما تصح وأنت سقيم
أبدأ بنفسك فإنهها فإن أنتهت فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
سابعا: أسباب هذا المرض :
1-حب الظهور والرياسة
2- التوسع في فهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو آيه " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلزام الأمر مالم يلزم وتوسيع دائرة التبليغ لتشمل الوعظ والفتوى والقول أحيانا بغير علم
3- نقص من يقوم بهذا الأمر حق القيام
4- عدم قيام أهل التخصص الأصلاء بواجبهم حق القيام
5- تقصير تربوي في حق هذه الشخصيات ( المدعين )
6- إستعجال قطف الثمرة قبل نضوجها من قبل المربين
ثامنا : كيف نتخلص وتتخلص من هذه الظاهرة ( العلاج ) :
1- الصدق مع النفس وتحري الإخلاص حيث يقول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " التوبة
2- الإنصراف إلى الأعمال والتورع عن الأقوال وإيثار ما يبقى على ما يفنى
3- تحري النية وتجديدها قبل كل عمل
4-عدم التصدر للأعمال إلا بعد إجازة أهل الثقة والسبق ، ولعلنا نقرأ في كتب السلف أنه ما جلس أحد منهم للتحدث إلا بعد أن أجازه أساتذته
5-على أهل الثقة السبق مراعاة هذه النقطة جيدا ومراقبة من يضعونه في هذه المواضع وتحصينه تربويا بما يكفى حفظه من هذا المرض
6-توجيه النصح المباشر وغير المباشر كل حسب حالته لمن إبتلي بهذا المرض
تاسعا : خاتمة :
أبرأ إلى الله تعالى في مقالي هذا أن أكون مدعيا للعلم فلست بعالم ولكني مجرد راصد لظاهرة في الحياة الدعوية وفي الحياة العامة وما عزوت الأقوال إلى أصحابها إلا من باب بركة العلم كما يقول القرطبي فمن بركة العلم نسب القول إلى قائله وحسبي في ذلك أنني مجرد ناقل لأقول العلماء وجامع بعضها إلى بعض ، ما بال الزمان يضن علينا بشخص كثابت بن أقرم بن ثعلبة رضي الله عنه يوم مؤته حينما إستشهد عبد الله بن رواحة رضي الله عنه فإلتقط الراية ودفعها إلى خالد بن الوليد وقال له " والله ما إلتقطها إلا لك " ، أخيرا أتمنى ممن قرأ هذا المقال أن يقوم بالتفاعل معه والتعليق عليه حتى لو كان هذا التعليق مخالفا فالآراء يصوب بعضها بعضا
ألا هل بلغت اللهم فأشهد
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Saturday, February 28, 2009

رسالة المسجد بين الإفراط والتفريط

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد تقرع آذاننا بعض الأنباء عن هذا المسجد الذي بني في ذاك البلد العربي وتكلف بناءه بضع مليارات من الدراهم ، وفيه ثريا هي أكبر ثريا في العالم وفيه سجاد قد جيئ به من إيران على متن عدد من الطائرات لتعد هذه السجادة أكبر سجادة في العالم هي الأخرى ويمكث المسجد أعوام في بنائه وزخرفته ، ثم ثار في ضميري تساؤل ألا وهو لو أن أحد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كان موجودا بيننا أكان يقر هذا الفعل ويباركه ؟ ثم حدقت النظر بعيدا عن هذا المسجد إلى ما جاوره من المساجد فوجدت أن المساجد أقرب ما تكون إلى التحف عنها بيوتا لله تبارك وتعالى ، تجد المساجد كلها تشترك في أنها ذوات مساحات كبيرة وطرز معمارية فاخرة وتجصيصات وزخارف ونحو ذلك ، هذا كله قد تغض عنه الطرف إذا كان المسجد يقوم بدوره وإمامه يؤم الناس في الحياة تماما كما يؤمهم في الصلاة ، غير إن البلية العظمي التي بليت بها المساجد هي ما يسمى " هيئة الأوقاف " ولا ندري ما تفعله هذه الهيئة أهو للإسلام أم عليه ؟؟ ، فجميع الإجراءات التي تتخذها هذه الهيئة ما هو إلا طوق من حديد يكبل به المسجد ويحجب دوره عن الحياه بذرائع كثيرة فمنها مصلحة المسلمين ، ومنها الحرص على عدم إزعاج الناس ومنها الحفاظ على المسجد ذاته ومنها تعيين رجل من الناس لا يحسن القراءة ولا الكتابه - ويكأنهم في كل الأقطار قد خرجوا من مكان واحد - كل وظيفته هو منع من يلقي درسا أو يقول كلمة أو يعلم الناس حرفا بدعوى أن هذا ممنوع طبقا لقرار الهيئة أتدرون من هذا أنه خادم المسجد ( الفراش ) وحتى لا أظلم الفراشين المعاصرين فقد عجبت كل العجب عندما قرأت أن الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة كان في سفر له ذات يوم فآواه المبيت إلى مسجد فجذبه خادم المسجد وطرده خارج المسجد بدعوى أن المبيت في المسجد ممنوع ، فسبحان الله لقد إمتلك هذا العامل من الفقه ما يفوق أمام أهل السنة وما حدى به أن يخبره أن المبيت في المسجد ممنوع !!!! ، فقلت في نفسي لا عجب أن يصنع المعاصرون ما يصنعون وقد فعل جدهم ما فعل بإمام أهل السنة ، الإمام يقرأ الجمعة من ورقة قد أعطوها له وليس له أن يضيف عليها أو يعدل فتجده يقرأ خطبة الجمعة من ورقة هي هي نفس الخطبة التي يقرأها إمام المسجد الذي في الحي الآخر ، وعندما يلقي الإمام درسا تجده يقرأ من كتاب كل دوره أنه يقرأ من الكتاب ، وكان هذا الإمام لا دور له إلا أن يقرأ من الورقة أو من الكتاب ، هل هذا هو المسجد الذي أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ وهل هذا الإمام له الحق أن يرق منبر رسول الله ؟؟؟ ، لقد توقفت طويلا عند وصف فضيلة الشيخ محمد الغزالي لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد إجتهدت أن أنقله كما هو لما فيه من نفع ، يقول فضيلته في كتاب فقه السيرة عن بناء النبي صلى الله عليه وسلم لمسجده " ....وتم المسجد في حدود البساطة ، فراشه الرمال والحصباء ، وسقفه الجريد ، وأعمدته الجذوع ، وربما أمطرت السماء فأوحلت أرضه ، وقد تفلت الكلاب إليه فتغدو وتروج ، هذا البناء المتواضع الساذج هو الذي ربى ملائكة البشر ، ومؤدبي الجبابرة ، وملوك الآخرة ، في هذا المسجد أذن الرحمن لنبي أن يؤم بالقرآن خيرة من آمن به ، أن يتعهدهم بأدب السماء من غبش الفجر إلى غسق الليل " إنتهى . إنظر إلى وصفه لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت أن كان رسول الله موجودا ولا يقولن قائل إن هذا كان وقت الشدة ووقت بدايات الدولة الإسلامية فلو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفوق بناءه هذا إيوان كسرى وقصر قيصر لكان ولكن كان له صلى الله عليه وسلم في ذلك علة وحكمة ، كان يبني الإنسان ولا يبني الجدران . ثم ثار في نفسي تساؤل آخر هل هذه الإجراءات التي تتخذ حيال المساجد من منع لذكر الله فيها من غير تصريح ومن منع الإعتكاف وصلاة التهجد والقيام فيها وما إلى ذلك مما تعلمون وما لا تعلمون ، أيخدم الإسلام ويصب في صميم رسالة المسجد أم لا ؟؟ إنها لصيغة واحدة متفق عليها في كافة البلدان العربية ويكانهم إجتموا في إجتماع واحد وإتفقوا على إستراتيجيات محددة المعالم ، أقول إن هذه علمنة جديدة في صيغة أخرى لأن الصيغة القديمة قد رفضها الناس ومجوها ، فصاغ هؤلاء هذه الصيغة بدعوى حماية المساجد وصيانتها ، غير أنني أعجب كل العجب أليس للمسجد مجلس إدارة وفراشة يقومون علي صيانته وحراسته ؟؟؟ لماذا يمنع كل شيئ فيه ولا يقوم هؤلاء بمراقبة ما يتم فيه ؟ أتركوا الشباب يلجأ إلى المساجد قبل أن تكتوا بناره في حياتكم العامة . وأختم بهذه الفتوى عن حكم تزين المساجد وتجميلها بشكل مبالغ فيه فتوى رقم9320 موقع إسلام ويب( ) :
فالإسراف والتبذير خلقان مذمومان، جاء النهي عنهما في كتاب الله عز وجل، قال ‏تعالى (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا ‏يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31] وقال (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ‏وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الاسراء: 26،27) .وزخرفة المساجد والإسراف في بنائها من علامات ‏الساعة، فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا ‏تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد".‏وقال البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة، باب بنيان المساجد: ( قال أنس: ‏يتباهون، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً، فالتباهي بها: العناية بزخرفتها. قال ابن عباس: ‏لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى).‏وقد جاء وعيد شديد على هذه الزخرفة، وهو فيما رواه الحكيم الترمذي عن أبي ‏الدرداء رضي الله عنه قال: " إذا زوقتكم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار ‏عليكم" قال الألباني في صحيح الجامع: إسناده حسن.‏وما ذكرته من التصدق بثرية كبيرة الحجم يقدر ثمنها بثلاثين ألف دولار، داخل في ‏حد الإسراف، والأولى - بلا شك- أن يكتفى بما يحقق الغرض من الإنارة، ثم يتصدق ‏بالباقي، ولنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أصحابه، فقد عمروا ‏المساجد بالطاعة والعبادة، معرضين عن الزينة والزخرف.‏قال عمر رضي الله عنه عند تجديد المسجد النبوي: "أكِنَّ ‏الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر، فتفتن الناس".‏رواه البخاري قال المناوي في فيض القدير: (فزخرفة المساجد، وتحلية المصاحف منهي عنها، لأن ‏ذلك يشغل القلب، ويلهي عن الخشوع والتدبر والحضور مع الله تعالى. والذي عليه ‏الشافعية أن تزويق المسجد، ولو الكعبة، بذهب أو فضة حرام مطلقاً، وبغيرهما ‏مكروه) انتهى .
ألا هل بلغت اللهم فاشهد
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Monday, January 26, 2009

هل أنتصرت حماس وهل أنتهت الحرب ؟؟؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد حرب طاحنة دامت قرابة الإثنين وعشرين يوما أعلنت إسرائيل وقف إطراق النار من جانب واحد معلنة بذلك وقف الحرب بعدما حققت أهدافها على حد زعمها !!! في تصرف يحتاج إلى تحليل وتفسير وتنبؤ بما تكون عليه الأمور قبل وبعد هذه الحرب وخرجت بعدها حركة حماس لتعلن إنتصارها في هذه المواجهة نحاول في هذا التحليل ذو الشق العسكري والسياسي أن نلقى بعض الضوء على هذه المواجهة نقول وبالله التوفقيق :
أدارت إسرائيل هذه الحرب من خلال محددات وضعتها أو ربما فرضت عليها جعلت خطة الحرب تسير وتنتهي بشكل حير كل المحللين العسكريين والسياسين على حد سواء وتضاربت أقوالهم وتحليلاتهم عن الهجوم البري هل سيتم أو لا يتم هذه المحددات هي :
1-تجربة حرب لبنان والمواجهة مع حزب الله 2006 :
لاشك أن إسرائيل إستفادت من هذه المواجهة حيث قامت بالتعتيم الإعلامي حول حجم الخسائر الإسرائيلية في هذه المواجهة العسكرية بل واللجوء في بعض الأحيان إلى الكذب الإعلامي بالتهوين من حجم المقاومة الفلسطينية وتأثير الصواريخ الساقطة على على المغتصبات الصهيونية وهذا ما يعرف عسكريا بالحرب النفسية أو دعم الروح المعنوية للجنود الإسرائلين على الصعيد العسكري ودعم الجبهة الداخلية للمواطن الإسرائيلي على الصعيد الداخلي إلا أن هذا الأمر ألقى ظلالا من الشك على مصداقية هذا الإعلام في مواجهة بيانات حركة حماس ومتحدثها أبو عبيدة الذي كان يعلن بكل صراحة عن حجم الشهداء والدمار الذي خلفه الهجوم الإسرائيلي
2-الإدارة الأمريكية الجديدة
معلوم للقاصي والداني أن الإدارة الأمريكية الجديدة - باراك أوباما - سيتولى مقاليد الأمور بالبيت الأبيض في 20 يناير فكان واضحا أن هذا الأمر ربما يمثل سقفا زمنيا للعملية العسكرية ككل ، فالإدارة القادمة إدارة ديمقراطية بعكس إدارة جورج بوش الجمهورية المعروفة بدعمها للإسرائيل عسكريا وسياسيا وإقتصاديا ، فلربما تعرقل هذه الإدارة الجديدة العملية العسكرية الإسرائيلية ومساراتها
3-الإنتخابات الإسرائيلية :
الإنتخابات الوزارية الإسرائيلية القادمة هذه أيضا فرضت نفسها كمحدد زمني على مسار العميلية العسكرية الإسرائيلية ، فإيهود أولمرت لم يرشح نفسه للإنتخابات في حين تتنافس كل من تسيبي ليفني وبنيامين نتنياهو على رئاسة مجلس الوزراء ، فكان أولمرت يبحث لنفسه عن نصر أي نصر يحفظ ماء وجهة بعد الفضائح المالية والهزيمة العسكرية في لبنان 2006 حسب تقارير المؤسسة العسكرية الإسرائلية ذاتها فجاءت الحرب في جملتها على أنها دعاية لكل من تسيبي ليفني المرشحة للإنتخابات الوزراء وإيهود أولمرت في صورة المنقذ للمواطن الإسرائيلي
4-الأهداف المعلنة والغير معلنة للعملية العسكرية :
من المعلوم أن كل عملية عسكرية لابد لها من أهداف من أجلها تقوم ، وأن أي حرب لا تقوم إلا بقرار سياسي وبهدف سياسي أو من أجل خلق موقف سياسي ، هذه مسلمات لابد من الأتفاق عليها قبل أن نشرع في الكلام عن الأهداف الإسرائيلية للعملية العسكرية ، ففي هذه النقطة فرضت إسرائيل تمويها واضحا حول الهدف من العملية العسكرية مما يعفيها من المحاسبة في حال الإخفاق - على الأقل على الصعيد الداخلي - ويضمن لها التصريح بنجاح عمليتها العسكرية دون رقيب على قولها وكذلك إنهاء الحرب متى شاءت وذلك طبعا إستفادة من تجربة لبنان 2006
كل هذه المحددات وضعتها إسرائيل حتى تضمن لها إنهاء العملية متى شاءت والخروج من المأزق متى أحبت ووضح ذلك من تصريح أيهود باراك بعد مضي حوالي أسبوع من العملية العسكرية عن البحث عن كيفية إنهاء العملية العسكرية ، يتضح من ذلك أن الذين خططوا للعملية العسكرية خططوا لكيفية إنهائها قبل بدايتها ، هذا يفسر إتخاذ إسرائيل لقرار وقف إطلاق النار من جانب واحد بعد التشاور مع الإدارة الأمريكية في هذا التوقيت وهذا التوقيت بالذات .
والسؤال الآن من هو المنتصر في هذه الحرب الآن ؟؟؟
هذا السؤال يعاني لغطا شديدا وأخذا وجذبا بين المحللين العسكريين والسياسين ، غير أنه كما قلنا أن نتيجة أي حرب تتحد بالهدف منها فالسؤال الآن لماذا قامت إسرائيل بالعدوان على غزة ؟؟؟؟ أو ما هي الأهداف الحقيقية للحرب على غزة ؟؟؟ قالت وزراة الدفاع الإسرائيلية أن الهدف من الحرب ما يلي :
1- وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية ( وهذا لم يتحقق ) وشاهد ذلك إستمرار الفصائل الفلسطينية في إطلاق الصواريخ حتى آخر يوم في الحرب
2- توفير الأمن للمواطن الإسرائيلي ( وهذا أيضا لم يتحقق ) مع إستمرار إطلاق الصواريخ على المغتصبات وتوسيع بقعة الزيت اللاهب كما قالت حماس ، وقضاء المواطن الإسرائيلي معظم وقته في المخابئ والملاجئ كلما دوت صفارات الإنذار
3-الإطاحة بحكومة حماس ( وهذا أيضا لم تحقق ) بل بدا الأمر بصورة عكسية حيث زاد ثبات الشعب وإلتفافه حول قيادات حماس ، ومن المثير للسخرية في هذه النقطة محاولة الإعلام الإسرائيلي دق إسفين بين الشعب وقيادته بالقول أن قيادة حماس تدعوا الشعب للصمود بينما هي تختبئ في القصور ، فشاء الله تعالى أن يأتي إستشهاد الدكتور نزار ريان وسعيد صيام في رد واضح على هذه المزاعم
4-إعادة إحتلال عزة ( وهذا أيضا لم يتحقق) بل وبدا من أداء الجيش الإسرائيلي أنه يتحاشي الدخول في مواجة صريحة مع مقاتلي الفصائل الفلسطينية وذلك عن طريق إستخدام أسلوب معروف عسكريا بأنه - أسلوب الإستطلاع بالقوة -حيث تقوم الوحدة المهاجمة بإستخدام المدرعات بفتح نيرانيها على القوات المتخندقة والأكمنة وهذا من شأنه إستطلاع حجم هذه القوات وإكتشاف أماكنها وتفويت فرصة المباغتة عليها وإحداث بعض الأضرار ولو جزئية بها ، فقامت القوات الإسرائيلية بإستخدام هذا الأسلوب ، رغم أن ما يحتاج إلى تفسير عسكري هو لماذا كررت إسرائيل إستخدام هذا الأسلوب وبحجم قوات أكبر رغم أن هذا الأسلوب عسكريا يستخدم في حدود فصلية مدرعة وليس هذا الحجم من القوات ، إستخدمت إسرائيلي هذا الأسلوب وذلك لما يلي :
1- الحد من خسائرها في المعدادت والأفراد وذلك بالهجوم ثم الإنسحاب والعودة مرة أخرى إلى نقاط التمركز
2- الهروب من التورط في معارك مدن صريحة تكون غير معروفة النتيجة وغير مأمونة الجانب حيث أنها بإستطلاعها لحجم القوات المتخندقة والكمائن صرح قائد العملية الإسرائيلية أن عزة مدينة مفخخة أو مدينة متفجرات ، ففي حالة التورط في معارك مدن ستكون الخسائر كبيرة فضلا عن عدم إستطاعة الجيش الإسرائيلي وضع سيناريو نهاية للمعركة
3-في حالة إقتحام الجيش الإسرائيلي لعزة فإن ذلك سيخرج أسلحة التميز الإسرائيلية خارج المعركة ويجعلها عديمة الجدوى وهي سلاح الطيران وسلاح المدفعية وسلاح المدرعات حيث تنعدم فاعلية سلاح الطيران وسلاح المدفعية في حالة القتال المتلاحم وذلك لعدم إمكانية إستخدامه عند إختلاط القوات ومجابهة سلاح المدرعات لقوات متخندقة وألغام أرضية وقذائف مضادة
4-رغبة إسرائيل في المحافظة على هيبتها كقوة عظمى إقليمة وعدم الإشتراك في مواجهة تهز من صورتها العسكرية
كل هذه العوامل جعلت إسرائيل تدير الحرب بأسلوب الإستطلاع بالقوة وليس أسلوب الإقتحام ، وهذه العوامل السابقة تحسب للمقاومة الفلسطينية أنها فرضت موقفا على الجيش الإسرائيلي يضعه في حساباته عند التفكير في مهاجمة عزة مرة أخرى ، ووضح وضوحا ساطعا أن نقطة الضعف الإسرائيلية الواضحة هي العسكري الإسرائيلي الضعيف الهذيل الغير قادر على المواجهة والإقتحام رغم ما يخدمة من تكنولوجيا وأسلحة حديثة ، أرادت أسرائيل المحافظة على تفوقها الجوي المتمثل في سلاح الطيران بعدما أشركت ما يقرب من نصف سلاح الطيران الإسرائيلي تقريبا حسب بيانات وزارة الدفاع الإسرائيلية فلم تشتبك إشتباكا مباشرا مع المقاتلين الفلسطينين ، ولو إفترضنا مثلا أن المقاتلين الفلسطينين يمتلكون وسائل الدفاع الجوى والمقاومات الأرضية المناسبة لهذا الطيران لكان للأمر رؤية أخرى
أرى أن الهدف الإسرائيلي الحقيقي والغير معلن من هذه الحرب هو :
1- عقاب الفلسطينين في عزة على تمسكهم بحكومة حماس وإلتفافهم حولها وهذا يؤيده ويفسره ضربات الطيران الموجهة إلى المدنين وأعداد المدنين بين قتلى وجرحى
2-تدمير البنية التحتية لغزة وحكومة حماس وهذا يؤيده تدمير خمسة آلاف منزل تدميرا كليا وتدمير ستة عشر ألف منزل تدميرا جزئيا وكذلك تدمير الوزارات والجامعة والمساجد والمستشفيات وتوجيه بعض الضربات حتى للمقابر ، مما يعني خلق وضع بعد الحرب يصعب على حكومة حماس في ظل الحصار الدولي علاجه ، فإذا كانت حماس قد إستطاعت الإستمرار منذ بداية الحصار في يوليو 2007 حتى الآن وذلك عن طريق مصادر تمويل معظمها من المعونات فهذه المعونات لن تكفي لإعادة الإعمار فضلا عن تسيير الحياة العادية في عزة هذا حسب تصور المخطط الإسرائيلي
3-في رايي أن هدف الحرب الأساسي هو إحكام الحصار حول غزة وذلك بضرب إنفاق التهريب الحدودية مع مصر وإثارة الرأي الدولي حول تهريب الإسلحة من رفح إلى غزة بل وتهريب المعدات والمستلزمات الطبية الأغذية مما يضعف الحصار وهذا حسب زعم تسيبي ليفني وزيرة الخارجية
4-خلق وضع عسكري يمكن إسرائيل بالبدء بالحرب متى شاءت دون قيد أو شرط
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تقم إسرائيل بإعلان أجندة الأهداف هذه للرأي العام ؟؟؟ الإجابة أن أجندة الأهداف هذه تحوي أهدافا قذرة ربما تثير المجتمع الدولي عليها ويحول بينها وبين أتمامها
في رأيي أن حركة حماس إذا إستطاعت أن تتغلب على تحديات ما بعد الحرب وهي :
1- الإقتصاد المدمر الذي يبحث عن نقطة البدء مرة أخرى
2-إعادة البنية التحية للدولة
3-رفض دول الإتحاد الأوربي التعاون مع حكومة حماس لإعادة إعمار غزة
4-إهتزاز الجبهة الداخلية من جراء الدمارالبشري والمادي للحرب
5-الحصار الدولي وتعمق وطأته
إذا إستطاعت حماس التغلب على هذه المحددات فبحق ستكون منتصرة نصرا باهرا على الجيش الإسرائيلي أما إذا أخفقت فمن الصعب القول أنها أنتصرت ، نعم في الثبات وفرض الإرادة وكسر إرادة الخصم ذاتها نصر إلا أن الأمور تحدد بتائجها ، أما إسرائيل ففي رأيي لم يكن لديها ما تخسره في هذه المعركة فالحكومة ستتبدل والخسائر المالية تدفعها أمريكا والمواطن الإسرائيلي قد تمت التعمية عليه
والله من ورائهم محيط
نلتقى في مرة أخرى بإذن الله تعالى