Sunday, April 3, 2011

أكذوبة الدولة المدنية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرى شراً يلوح في الأفق في ثنايا ما يسمى بالحوار الوطني وكل الحوارات التي تناولت التعديلات الدستورية أولاً ثم بعد ذلك تناولت الدستور الجديد والجمعية التأسيسية التي سينتخبها مجلس الشعب المنتخب حديثاً بعد ثورة 25 يناير 2011 وكل الحشد الهائل للقوى السياسية العلمانية وكذلك الكنيسة المصرية ورموزها وذلك من أجل الهجوم الشديد على المادة الثانية من دستور 1971 م ، ثم تساءلت عن ما هو المصير لو تم إلغاء هذه المادة ؟؟؟ الإجابة هي أن الدولة ستصير بدون هوية وبدون دين وهو ما يريده التيار العلماني ، ولقد تسمعت إلى مقابلة تلفزيونية لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس وهو يتكلم عن الديمقراطية وقد رفضها صراحة إذا جاءت بالمادة الثانية فقلت في نفسي إن هناك شر محدق بهذا الشعب ، إن العلمانية لم تقدم للدول التي تعلمنت أي شيئ يقول الكاتب الراجل الدكتور فهمي الشناوي عليه رحمة الله في مجلة المختار الإسلامي " لم تقدم للشعوب الأوربية إلا مجموعة من الأكلات - الهامبورجر - والمشروبات أمثال البيبسي كولا و الكوكا كولا وغيرها وأيضاً دمرت الأخلاق تماماً في هذه الدول " ويؤكد رحمه الله أن أمريكا نفسها في نشأتها كانت دولة دينية يقول " كان الجنرال جورج واشنطن رجلاً متديناً وكان لا يقاتل أيام الآحاد وعندما صك الدولار بعد إنتصاره كتب عبارة مازالت موجودة حتى الآن وهي تعني أثق في الله " إن نجيب ساويرس وأشباهه يتشدقون بأنهم أناس ليبراليون علمانيون يريدون دولة علمانية وأنا أرى أن هذا نوع من الخداع لأن المسيحية لا يوجد بها شريعة تحكم وإنما هي تعاليم روحية لذا لا عجب أن تجده يتكلم عن الشريعة الإسلامية ويهاجمها على أنها نوع من التمييز بين أبناء الوطن الواحد ، إن الشريعة الإسلامية قد كفلت للأقباط أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم وذلك في قوله تعالى في سورة المائدة " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الفاسقون " المائدة الآية رقم 47 ، ولو نحينا هذه النقطة جانباً ولم نعول على حديث ساويرس فهو يتكلم من منطلق عقيدته في الأصل رغم إدعاءاته لوقفنا أمام فصيل عريض من العلمانيين علا صوتهم الآن مطالبين بإلغاء المادة الثانية أيضاً وكانت لهم محاولات إبان النظام السابق لإلغاء هذه المادة أيضاً وأود أن أنقل هنا نقلاً لفضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في معرض الكتاب في مناظرة بين الإسلام والعلمانية وقد قسم العلمانيين فيها إلى ثلاثة أقسام فقال " وأما القسم الثالث من العلمانيين فوجدته جريئاً على الله مستهزئاً بالكتاب والسنة " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم ، فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم " سورة محمد الآية 27 ، وكان يناظر الدكتور فؤاد زكريا عميد كلية الآداب جامعة القاهرة ، وبالفعل هذه ليست علمانية وإنما جرأة على الله وإستهزاء بالكتاب والسنة ويقول أيضا رحمه الله في مجلة المختار الإسلامي في تعليق على أحد العلمانيين " غير أنني أعجب من قوم يكرهون الله أشد الكره ويخاصمون الوحي في كل موطن وإذا سمعوا بفتح مسجد كست وجوههم الكراهة وإذا سمعوا بكاتب يحارب الله ورسوله حفوا به كما يحف الذباب بالقذى وعار على الدولة أن تترك هؤلاء ينبحون قافلة الإسلام " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " إنتهى . فمن ثنايا كلا الشيخ رحمه الله يتبين لنا أن مطالب العلمانيين ليست دولة مدنية ولا مواطنة ولكنها :

1- جرأة على الله

2- إستهزاء بالكتاب والسنة

3- مخاصمة للوحي في كل موطن

4- الضيق والضجر من كل ما هو إسلامي " غير خاف على سعادتكم ضيق كل من خيري رمضان وتامر أمين بالصلاة الجماعية والدعاء الجماعي بميدان التحرير " في جمعة الرحيل وما قبلها

5- الإحتفاء والإهتمام بكل ما هو ضد الدين

ثم نأتي إلى الدولة الدينية والدولة المدنية ، لقد درسنا في فلسفة العلوم أن فهم المصطلح ينبغى أن يرجع إلى فهمه عند من نحتوه ، إن الدولة الدينية هي دولة رجال الدين وسطوة الكنيسة وهي كانت تعرف في العصور الوسطى وقت أن كان الفكر الأوربي يعرف بمرحلة الفكر بمقدمات كنسية وكل ما خالف هذا الفكر فهو كفر وهرطقة ويعاقب صاحبه بالقتل أو الحرق وأظهر مثال لهذا هو جاليليو جاليلي الإيطالي وكوبرنيكوس الإنجليزي حيث جاء كل منهما بنظرية علمية تخالف فكر الكنيسة فكان جزاءهما هو القتل ، ثم ضج الفكر الأوربي بسطوة الكنيسة حتى ظهرت العبارة الشهيرة " دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله " وكان هذا إيذاناً بنهاية الدولة الدينية من الوجود ، أما في واقعنا المعاصر فلا توجد الدولة الدينية إلا في دولة الملالي وولاية الفقيه أعني بذلك إيران وهذا عند الشيعة وحدهم ، أما عند أهل السنة فالأحذق هو الأولى بالولاية وهذا عندما سؤل شيخ الإسلام بن تيمية رضي الله عنه " هل يولى الأحذق أم الأتقى ؟؟؟؟ فأجاب رضي الله عنه أما الأتقى فتقاه لنفسه وأما الأحذق فحذقه للمسلمين "" وعلى هذا فالولاية عند أهل السنة هي للأحذق وليست لللأتقى ، أما مصطلح الدولة المدنية فهي في مصطلح العلمانيين هي الدولة المنسلخة عن الدين التي لا دخل للدين فيها إلا في أيام الآحاد وفقط ، إذا هذا هو المفهوم عند من نحتوه ، أما مصطلح الدولة المدنية عند المسلمين وتحديداً عند أصحاب الفكر السياسي منهم فهي دولة القانون والدولة المؤسسة على سيادة القانون والمؤسسات المدنية ، ولا بد أن يكون هذا القانون موافقاً لشرع الله تعالى أما إذا خالفه فهو مهدر ولا إعتبار له ، يتضح من ما سبق أن هناك خلاف كبير في المفهوم بين مصطلح الدولة المدنية عند العلمانيين ومصطلح الدولة المدنية عند أصحاب الفكر السياسي الإسلامي وأعتقد أنه لا إلتقاء بينهما ، ويتضح من هذا أن الدولة المدنية عند العلمانيين لا تعني إلا دولة كافرة بالدين جاحدة له حاصرة إياه في بعض الطقوس وبعض الأيام وهذا إختزال مجحف لشريعتنا وسنة نبينا ، إن قبول الإسلاميين بهذا الأمر فضلاً عن أنه ضياع للدين فهو ضياع لجهاد عقود من العمل الإسلامي وردة للوراء ، إن سلخ الأمة من هويتها وجعلها بلا دين جريمة عظمى ستجني ثمارها الأجيال القادمة وليس نحن ، ولو تأملنا التجربة التركية التي يتشدقون بها من جورج بوش إلى الفكر الأوربي لوجدنا أن رئيس الوزراء الراحل عدنان مندريس قتل لإعلان الأذان في العاصمة وقد هدد الراحل نجم الدين أربيكان بالإنقلاب العسكري نظراً لتوجهاته الإسلامية ، وعلمانية الدولة كيان لا يمس وهناك هيئة كبرى تقوم على حراسة المنهج العلماني لتركيا الحديثة تسمى مجلس الأمن القومي وكله من جنرالات الجيش والعسكر ، هل هي هذه الحالة التي ننشدها ؟؟؟ أقول وأتساءل سؤالاً هاماً : هل جاءت ثورة 25 يناي لتنحي نظام حسني مبارك وترسي قواعد العلمانية في مصر ؟؟؟؟ إن الدولة العلمانية دولة شديدة التطرف ضد الإتجاهات الدينية عامة والدين الإسلامي خاصة وإذا أردت دليلاً دعني أسأل ألم تقم فرنسا العلمانية بمنع الحجاب بالمدارس ؟؟؟؟ ألم تقم سويسرا بحظر رفع الأذان وبناء المساجد ؟؟؟ ألم تهاجم بريطانيا وتحظر بناء المساجد ، لقد ثارت في نفسي شكوك كثيرة حول هذه الثورة وكيف أنها بلا هوية !!!! فلو قام بها فصيل واحد لإستطاع أن يفرض هويته أما هذه الثورة فقد قام بها شركاء متشاكسون جمعهم عداء النظام السابق وعدوانه عليهم ، أوجه نظر الأمة أن هويتها ودينها خط أحمر لا يقبل التخطي ولا التجاوز ، لقد عاشت مصر أربعة عشر قرناً من الزمان مسلمة الديانة وعاش فيها المسيحيون مواطنون مصريون على السواء مع المسلمين ولا أعلم لماذا ثارت هذه النعرة التمييزية في هذا الحين بالذات ؟؟؟

توصية :

1- يجب على الكتاب الإسلاميين أن يكتبوا ويبحثوا في أهمية الشريعة الإسلامية ويعلموا الناس إياها وأهميتها

2- يجب أن يكون الحوار بعيداً عن التسييس والخلط بين الديني والسياسي حتى يتميز الخبيث من الطيب

3- يجب كشف العلمانيين وتوضيح حيلهم للناس حتى يتبين الناس حقيقة أمرهم وحقيقة مطالبهم

مرفق ملفين فيديو للإطلاع عليهما للأهمية

الفيديو الأول


الفيديو الثاني


نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Saturday, March 26, 2011

جماعات الإسلام السياسي بعد ثورة 25 يناير تحديات وتطلعات ؟؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غير خاف على الجميع أن المناخ الذي تعيشه الحركة الوطنية المصرية والحركة الإسلامية تحديداً بعد ثورة 25 يناير مناخ جديد بكل ما تحمله الكلمة من معنى غير أن الأمر لابد أن ينظر إليه نظرة أعمق من مجرد إستنشاق أنفاس الحرية وطرح أغلال الظلم ونير الإستعباد حيث كانت جميع القوى الوطنية مكممة الأفواه محجمة القدرات مقلمة الأظافر تعلب في نطاق محدود نطاق ما تسمح به قوى الحزب الحاكم اللاعب الوحيد والرئيس في الفترة الماضية أنذاك ، أما الحركات الإسلامية فالوضع بالنسبة لها أعمق من التكميم حيث كانت تعاني من الإبعاد والتشويه والإقصاء بل حتى محاولات لإفناء من الوجود أصلاً بطرق مشروعة وغير مشروعة ، ولا نسطيع أن نسميها بالحركة الإسلامية الواحدة حيث أنها ذات أطياف مختلفة نوضحها كما يلي :
1- طيف كان يرى أن العمل السياسي رجس من عمل الشيطان وأن نزول الإسلاميين إلى إنتخابات مجلس الشعب حرام وأنه مجلس شركي وإشتراك في الحكم بغير ما أنزل الله وهذا الرأي كان يتبناه التيار السلفي ومن أراد دليلاُ فليراجع كتابات التيار السلفي خلال إنتخابات مجلس الشعب في الأعوام 1987 م و 1990 م و 1995 م وحتى يكون الكلام فيه نوع من الإنصاف لابد أن نذكر أن التيار السلفي ذاته ليس مدرسة فكرية متوحدة بل داخله أطياف عدة فالتيار السلفي في الإسكندرية كان يرى أن الإشتراك في الإنتخابات حرام شرعاً ومن أراد دليلاً فليراجع كتابات د / محمد إسماعيل المقدم وشريطه التوحيد أولاً أما التيار السلفي في دمنهور فكان يرى بجواز ترشيح من يحمل الفكرة الإسلامية والبعض الآخر منهم كان يرى بإعتزال الإنتخابات على أنها عمل ليس من ورائه طائل ، ومن عجيب الأمر أن التيار السلفي فجأة وبلا مقدمات إقتنع بالعمل السياسي بعد ثورة يناير 2011 وكونوا حزباً على الفور وأنا أرى أن تكوينهم الحزب من باب حتى لا تسبقهم الأحداث وحتى لا يكونون بمعزل عنها غير أنهم دخلوا في السياسة مفتقدين للسياسة ذاتها ولمهارة الخطاب السياسي مما يجعل تصريحاتهم تسيئ وتحسب على الحركة الإسلامية ككل ( أعني بذلك تصريحات الشيخ / محمد حسين يعقوب عن غزوة الصنايق ومن لم يقل نعم فليبحث له عن وطن آخر ) هذا مع جليل إحترامنا وتقديرنا للتيار السلفي ورموزه
2-طيف كان يرى بكفر الحاكم وضرورة تغييره بالقوة وإسقاط نظامه وهدر دمه - أعني بذلك تنظيم الجهاد وتحديداً عبود الزمر ومجموعته - والمفاجأة ان هذا التيار أيضاً ليس فصيلاً واحدا فكما هو معروف أن الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد فكر واحد مع إختلاف بسيط في الآليات التربوية والتعبوية إلا أنهما لا يصنفان ضمن تصنيف الإسلام السياسي ، وكما هو معروف أن الجماعة الإسلامية وما حدث من مراجعات لقياداتها في سجون النظام البائد قد رجعت عن فكرة تبني العنف أما عبود الزمر ومجموعته وكما ظهر من تصريحاته بعد خروجه من السجن أن الفكرة ما زالت مطروحة إذا لم توجد آلية لتقويم الحاكم ، هذا الطيف أيضاً رأي في ظلال ثورة 25 يناير أن يكون حزباً وهذا الطيف أيضاً لا خبرة له في العمل السياسي ولم يشترك فيه من ذي قبل مما يعني إفتقاده لما إفتقده الطيف الأول بل ربما أشد
3- طيف لم يكن يعير الإنتخابات أدنى إهتمام وكان يرى ما يراه الحاكم وأن البيعة له واجبه وانه أمير المؤمنين وما إلى ذلك من هذه التصورات التي يغايرها الواقع أعني بهذا الطيف هم الصوفيون وهذا الفصيل إذا كان الفصيلان الأوليان دخلاء على العملية السياسية فهذا أشد دخلاً لأن نظرته للإسلام لا تعدو كونه مجموعة من الطقوس والترانيم والجلسات لا أبعد أما عن كونه منهج حياه فعندهم من يرى هذا الأمر فقد أبعد وأغرب وهرب إلى غير مهرب
4- طيف رأى من نشأته بأن الإسلام دين شامل يشمل كل مظاهر الحياة جميعاً وأن الإنتخابات أسلوب من أساليب الإصلاح السياسي هؤلاء هم الإخوان المسلمون وهم أصحاب خبرة في العملية السياسية منذ أيام الإمام حسن البنا وهم أصحاب رؤية واضحة وخبرة طويلة في هذا المجال وهم كانوا يشتركون في الإنتخابات وقت أن كانت أطياف الحركة الإسلامية الأخرى تعيب عليهم هذا الأمر وهم يملكون من الكوادر والطاقات ما يمكنهم من الإشتراك القوي في المرحلة القادمة
5- طيف إنفصل عن الطيف السابق وهم وطلبوا تكوين حزب في ظل النظام السابق غير أنهم لم يسمح لهم أعني بذلك حزب الوسط ومؤسسه المهندس أبو العلا ماضي وهذا الطيف لا يرى له وجوداً إلا في ظل مهاجمة الطيف السابق بمعنى أن نظرية ظهوره مبنية على القدح في الطيف السابق أما هو فالتشكك كبير في قدراته من حيث الطاقات والقدرات والإمكانيات
هذا التقسيم ليس من هدفه ترجيح فصيل على فصيل وإنما إبراز أن الحركة الإسلامية ليس فصيلاً واحداً إنما أطياف متعددة وهذا من شانه أن ينقلنا إلى الحديث عن التحديات التي تواجهها جماعات الإسلام السياسي نبينها فيما يلي :
1- أوضحنا وأبرزنا أن جميع الأطياف ( عدا الإخوان المسلمون ) السابقة ليس لها الخبرة السياسية ولا تمتلك مهارة الخطاب السياسي مما يعني أنه في حالة التنافس الإنتخابي فمن الوارد أن تقع تجاوزات في طريقة الدعاية والخطاب الجماهيري بل وربما نصل إلى تخطيئ بعضهم البعض وفكرة إحتكار الحقيقة والفكر الإقصائي الأحادي بل وربما يصل الأمر إلى درجة إتهام البعض بالتفريط والترخص بل والتكفير إذا إحتدم الخلاف
2- من المعلوم أن بعض قوانين العلوم الإجتماعية تنطبق على حياة الناس وتسري سرياناً حتمياً ففي علم الإقتصاد مثلاً قانوناً يقضي بأن النقد الردئ يطرد النقد الجيد من التداول " وحتي يفهم غير المختصون بهذا العلم هذا القانون نبسطه بعض الشيئ حيث كان الناس يتداولون الذهب كنقد ويتداولون معه معدن آخر كنقد فالذهب هو النقد الجيد والآخر هو الردئ ، فكان الناس لثقتهم في الذهب يدخرونه ويتداولون المعدن الآخر حتي ينسحب الذهب من التداول ويبقى النقد الردئ ، فإذا سرى هذا القانون على الحياة السايسية المصرية بعد ثورة 25 يناير فمن الممكن أن يؤدي تزاحم الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية - وهي أحزاب ناشئة تبحث لنفسها عن مؤطئ قدم - مع الجماعة الأم إلى إقصائها من الحياة السياسية أو حتى على الأقل إضعاف تمثيلها ، وقد كان النظام المصري السابق يدرس بتخوف شديد إستخدام حزب الوسط كبديل إسلامي عن جماعة الإخوان المسلمين
3- غير خاف أن الإخوان المسلمون كانوا هم أصحاب الطرح الإسلامي الوحيد في الحياة السياسية أما بعد تكون هذه الأحزاب وكلها ذات مرجعية دينية فمن المتوقع أن يتم تفتيت الكتلة التصويتية التي كانت تذهب للإخوان المسلمين بحكم أنهم أصحاب الطرح الإسلامي الوحيد في ضوء التحليل السابق أرى أن هذا التشكيل للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية يلقي تبعات ثقيلة على كاهل الجماعة الأم من حيث وجوب تطوير طريقة الخطاب الجماهيري وطريقة الربط العام والكتلة التصويتية وفي الجملة لابد من تقديم نفسها في طور جديد يتواكب مع فكر الثورة ومع اللاعبين الجدد في الساحة الساسية
4- بإفتراض أنه في إنتخابات حرة جاء أحد هذه الإحزاب إلى سدة الحكم وهم جميعهم لا يملكون برنامج عمل واضح يمكن تطبيقه في حال وصولهم إلى الحكم وعن كيفية تطبيق الإسلام كمنهج حكم مما يعني أن هذه الأحزاب تكونت قبل أن تتكون رؤاها
5- فكرة نشوء هذه الأحزاب في حد ذاتها تحد واضح لبعضها البعض فالخلاف بين من يحملون نفس المرجعية قد يجعله مطعناً في المرجعية ذاتها عند أصحاب الإتجاه الآخر - العلمانيين - بل وعند رجل الشارع العادي حيث من الممكن أن يؤدي تناحر أصحاب المرجعية الواحدة إلى تشكك الناخب في مصداقية ما يدعون إليه من مبادئ أضف إلى ذلك أن هذه الأحزاب ذات المرجعية الواحدة لم تتفق فيما بينها على آليات عمل أو حتى على أدبيات خلاف
6- من الممكن أن تستخدم هذه الفرقة بين أصحاب المرجعية الواحدة من أصحاب الميكافيلية السياسية إلى تدمير هذه الأحزاب بعضها بعضاً والقضاء عليها الواحد تلو الآخر وقد أشرنا إلى محاولة النظام المصري السابق
7- فكرة الفصل بين ما هو دعوي وما هو سياسي مازالت غير واضحة حتى الآن من حيث خضوع حزب العدالة و الحرية وهو حزب جماعة الإخوان المسلمون ، عن مدى خضوع هذا الحزب للجماعة من حيث كنها جماعة دينية تتبنى الإسلام كمنهج والتربية كأسلوب عمل ، وما هي الآليات التي تضمن عدم حيود هذا الحزب عن خط الجماعة ، وهل من الممكن أن يتولى أحد غير المسلمين أو أحد غير الإخوان المسلمين لرئاسة هذا الحزب كل هذه الأمور لا بد أن تطرح وتعلن للناس حتى يكونوا على بينة من أمرهم
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Friday, January 28, 2011

سقوط الباستيل .. أطروحات وتساؤلات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحكم الثوار حصارهم حول سجن " الباستيد " ثم قصفوا أسواره بالمدافع ، وعلى صعيد آخر خرج أساتذة وطلاب الجامعات شارحي صدورهم لرصاص الشرطة الفرنسية ، فكان هذا هو المسمار الأخير في نعش لويس السادس عشر ، وكان ذلك إيذاناً بسوقه هو وزوجته ماري أنطوانيت إلى المقصلة ، كان هذا نقلاً من أدبيات الثورة الفرنسية وكيف إندلعت ، لقد أصبحت هذه الأشياء أعلاماً فيما بعد أصبح لويس علماً على كل حاكم ظالم وأصبح الباستيد أو الباستيل كما عرف تحريفاً فيما بعد علماً على كل أداة قمع في يد كل لويس أو في يد كل ظالم وأصبحت الثورة الفرنسية علماً على كل الثورات التي كبحت الشمولية والتجبر والظلم ولكن كم في واقعنا من باستيد وكم في واقعنا من لويس وكم في واقعنا من ثورة يجب أن تقوم ،، نحاول في هذا المقال أن نلقي ضوءاً على الأحداث المتصاعدة إعتباراً من يوم 25 يناير وحتى جمعة الغضب 28 يناير 2011 مستلهمين الأحداث التاريخية ومستجمعين المواقف بعضها إلى بعض :
1- لقد أغفل لويس غضب الجماهير وتناساها وكأنه لم يعلم بها أو يسمع عنها وكانت عبارة زوجته " ماري أنطوانيت " الشهيرة عن أكل البسكويت بدلاً من الخبز عندما سألت عن سبب ثورة الجماهير فقالوا لها أن سبب الثورة هو الخبز ، فكان من جراء غفلته أو تغافله أو كبره أن أطاح به الجمهور وقاده وزوجته إلى المقصلة ، إن خطاب الرئيس المصري يشبه إلى حد بعيد خطاب الرئيس زين العابدين بن علي قبل الفرار وإن موقف الجيش المصري في التدخل في الأزمة يشبه إلى حد كبير موقف الجيش التونسي فهل تكون النتائج متطابقة هذا ما ستسفرعنه الساعات القادمة
2- نتائج الأحداث وما تؤول إليه الأمور يجب أن ينظر إليها بعين الإعتبار، فالناظر بعين الإعتبار إلى الأحداث الجارية يرى أن المتظاهرين كل ما طالبوا به هو خلع النظام ولم يملكوا أجندة بديلة ، إن المتظاهرين خرجوا تحت ضغط القمع الذي تعرضوا له على مدار ثلاثين عاماً كاملة فتصدوا لقوات الأمن دون هيبة ، أعترف صراحة لقد فوجئت بهذه الجموع الغاضبة التي جعلت جحافل الأمن المركزي تفر أمامها وأيضاً بجموع الأمن المركزي التي لم تطلق النار على المتظاهرين لقد خرج الجماهير فأطاحوا بكل " باستيل " أمامهم أحرقوا مباني الحزب الوطني في جميع المحافظات تقريباً ودمروا أقسام البوليس ومباحث أمن الدولة ، كل ما كان رمزاً للقمع والقهر دمروه ثم ماذا بعد ؟؟؟ لا أحد يستطيع الإجابة على هذا السؤال ، إن الجماهير لا توجد لها قيادة واضحة بل هي مجرد حركات غاضبة أطاحت بكل ما أمامها من رموز القمع والقهر
3- التدخل الخارجي نقطة لا بد من النظر إليها بعين الإعتبار فمنشأ الأحداث عن طريق شبكة الإنترنت والفيس بوك وتويتر ومن المعلوم أن هذه الشبكات الغالبية العظمى ممن يكتبون فيها يكتبون بأسماء مستعارة ، شخصياتهم غير معرفة ، ومن الممكن أن تكون الشائعات والأكاذيب شرارة لثورة تأكل الأخضر واليابس ، لقد قتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بسبب الإشاعات التي أطلقها اليهودي عبد الله بن سبأ عبر الأمصار ، أعرف أن البون كبير بين عثمان رضي الله عنه وحكام اليوم غير أن البون ليس كبيراً بين عبد الله بن سبأ وشبكات الإنترنت وما يتم تناقله من أخبار، فالتدخل كما يمكن أن يكون في منشأ الأحداث أيضاً يمكن أن يكون في ما تؤول إليه الأحداث ، فبفرض أن الشعب إستطاع إسقاط النظام هل سترضى القوى الخارجية عن الحكومة التي ستأتي ؟؟؟ ، وماذا إذا كانت هذه الحكومة لها توجهات معادية للصهوينية والسامية هل سيرضى به المجتمع الدولي ؟؟؟
4- إذا إستطاع الشعب فرض رؤيته وإسقاط النظام وجاءت قيادة أخرى ما هي الضمانات التي تكفل بألا تجنح هذه القيادة الجديدة إلى الإستبداد مرة أخرى ؟؟؟ لقد جاءت الثورة الفرنسية بشعارات " الحرية والإخاء والمساواة " وجاءت بالنظام الجمهوري وجاءت بـ " مارا روباسبير " وكل ما حدث هو تبدل في الأسماء دون المسميات فقد تبدل لويس بروباسبير وتبدلت الملكية بالجمهورية وتبدل الباستيل بالمقصلة وبقى الظلم والإستباد كما هو حتى أعاد نابليون بونابرت الحكم إلى الأسلوب الإمبراطوري مرة أخرى ، كان الأستاذ الدكتور / محمد طه بدوي أستاذ كرسي العلوم السياسية بجامعات جمهورية مصر العربية رحمه الله يقول " إن ثمة تجربة خالدة تقطع أنه ما من إنسان يتولى سلطة إلا وتدلى بها إلى الإستبداد " ذلك تلخيص للتجربة الإنسانية على شكل تعميم ، إن الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه بعدما قتلوه جعلوا يبحثون عن خليفة حتى يصلحوا ما أفسدوا ، أقول هذا لأوضح أن وجود الحاكم والنظام حتى وإن كان مستبداً خير من حالة الفراغ السياسي الذي تأتي بعد إسقاط النظام عن طريق الثوارات ، إن المستقرئ لتاريخ الثورات يرى وخصوصاً في العالم العربي يرى أنها لم تأت بخير فقد إستبدل الملك فاروق بمجلس قيادة الثورة ثم جمال عبد الناصر وهكذا في ثورة اليمن والجزائر وليبا و كل الأقطار بقي القهر والقمع وتغيرت الصور
5- يجب أن تظهر النخبة في الساحة وأن يكون خطابها واضحاً حيث أنه إلى الآن لم تظهر قيادة لحركة المتظاهرين والمحتجين ، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو ماذا لو طلبت الحكومة الحالية قيادة للجماهير حتى تتفاوض معها ؟؟؟ ماذا لو سقط النظام وأصبح لزاماً تكوين حكومة وفاق وطني كيف ستتكون هذه الحكومة ؟؟؟؟
6- إذا تمت الدعوة إلى إنتخابات حرة لإختيار رئيس جمهورية ما هي الضمانات الكفيلة بإجراء إنتخابات حرة ؟؟؟ إن ثقافة التزوير قد ضربت اطنابها في هذا الشعب حتى صار التزوير علماً على الإنتخابات وليس على العكس ، إن القتلى يسقطون في إنتخابات مجلس شعب فما بالك بإنتخابات لإختيار رئيس للجمهورية ؟؟ إن صندوق الإنتخابات عندنا قد خرج من الخدمة وأحيل لسن التقاعد من أعوام كما أن الأمر قد يأخذ وقتاً طويلاً حتى يتم دعوة الموتى لحضور الإنتخابات كالعادة ، ذلك امر تكتنفه ظلال من الشك
7- غير خاف على القاصي والداني أسلوب الفوضى الخلاقة وما أنتجه من نماذج فدولة العراق إلى الحين لم تتعافى ولم تصل إلى أسوأ صورها في عهد صدام حسين ، كما أن التونسين إلى الآن مازالوا في مرحلة تجميع الشعث ولم الشمل وظهرت مرة أخرى نفس المشاهد التي ظهرت بعد سقوط نظام صدام حسين من سلب ونهب
8- يبقى آخر ما يبقى من مشاهد يوم 25 يناير وجمعة الغضب 28 يناير هو سقوط نظام الظلم وآلته الباطشة ، أنه درس قوي لكل من إحتمى بهذه الآلة ، لقد هربت جحافل الأمن المركزي أمام هدير الجماهير الغاضبة وتركت كل من القاهرة والإسكندرية والسويس ودمنهور تحت سيطرة الجماهير ، يقول أبو الحسن الندوي " إن زوال الظالمين نعمة تستحق الشكر " وذلك تعليقاً على قوله تعالى " فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " سورة الأنعام
9- لا يفهم من المقال أنه تكريس لثقافة الإستبداد والظلم وتأييد لكل حاكم ظالم بل هو دعوة للتعقل والروية والنظر للأمور بمآلاتها حتى لا نكون آلة في يد قوى خارجية تحركنا من حيث لا نعلم ولا ندري
10- يبقى الدرس الأخير الذي يجب أن يعلمه كل ديكتاتور أن الذين ثاروا في مظاهرات يناير هم شباب صغير ولد في الثلاثين عاما الماضية وليست قوى الإخوان المسلمين كما أذاعت الداخلية ، هم شباب وشابات الفيس بوك والإنترنت ، هذا يعني أن المستقبل يرفض هذه الطغمة الحاكمة ورموزها المهترئة ، إن الذين ثاروا ليس لهم توجهات دينية كما تسعى الحكومة أن تعزو هذه الإنتفاضة إلى فزاعتها القديمة
مهما كانت مآلات الأمور لقد إستطاع هذه الشعب إن يكسر نير الظلم وأن يطيح بالباستيل وستبقى صور الشاب الذي إستوقف المدرعة في مظاهرة القصر العيني والذي إعتلى المدرعة ليوقف مدفع المياة وكل آلاف الأنوف التي إستنشقت غاز الأمن المركزي وقبلهم كل الشهداء الذين سقطوا من جراء رصاصات الأمن المركزي الغاشمة محفورة في ذاكرة الزمان " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " سورة يوسف
إلى اللقاء في مرة قادمة بإذن الله تعالى