Monday, December 29, 2008

براءة إلى الله ورسوله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأخوة الأعزاء في ظلال هذه الأحداث الدامية التي نعيشها الآن ، من تساقط للقتلى كتساقط أوراق الأشجار في الحريف ومن تساقط للقنابل كتساقط حبات المطر في شهور الشتاء ، في ظل هذا وذاك أقول وأعلنها مبرءا ذمتي وفاكا لرقبتي من كل دم فلسطيني يراق على أرض غزة وكذلك متبرءا من موقفا الحكومة المصرية المهين المشين ، ياسادة إن من يرى ما نراه في خارج مصر ليدرك حجم الذل والعار الذي يوضع على أعناق المصرين في خارج دولتهم وكأنهم كتب عليهم الذل في خارج دولتهم وفي داخلها ، لا تستطيع أن تدافع عن نفسك ولا عن بلدك ولا أن تصد سيل الإتهامات الذي يكال إلينا عن العمالة والحقارة والواضعة والتآمر ، ولكل من يقول ذلك الحق والعذر ، فلا أعجب من أن تأتي وزيرة الخارجية الصهيونية إلى مصر كي تدق طبول الحرب من دارنا ولا أحد يعارضها ويكأن من يذبحون في غزة ليسوا مسلمين وكأنهم ليسوا عربا ولا من جلدتنا ولا يتكلمون بلساننا ، إن كانت حكومتنا قد تركتهم فريسة لأنهم ينتسبون لحركة الإخوان المسلمين فلنطرح هذا البعد جانبا ولنثر من أجل العروبة والدماء العربية لا من أجل الإسلام والمسلمين إن كانوا هم لهذا البعد كارهين ، إن هذا الموقف الذي تتخذه حكومتنا أولا قد وضعها بين المطرقة والسندان ، مطرقة الثورة الداخلية ( ولا أدل على هذا من المظاهرات التي تجتاح الجامعات والنقابات بل والشوارع والميادين ) وسندان التذمر والتضجر الخارجي ( ولا أدل على هذا من المظاهرات وتوجهها إلى مقار السفارات المصرية في بيروت ودمشق وغيرها بل ومحاولة إقتحام السفارة ذاتها ) و الأعجب من ذلك أن تغض الحكومة المصرية الطرف عن هذا وذاك ولا أدري إلى أي الأشياء تستند هذه الحكومة فهي قد فقدت الدعم الداخلي - وتأيديها الشعبي الذي هو مسوغ وجدوها في الظل الديمقراطية التي بها يترنمون - والتأيد الخارجي بل أصبحت تقف في قفص الإتهام ولا حجة لها ، بأي عذر نلقى الله تعالى ونحاج عن أنفسنا ، لا يجول في خاطري إلا حديثه صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: ‏"‏لا يقفن أحدكم موقفاً يقتل فيه رجل ظلماً فإن اللعنة تنزل على من حضره حيث لم يدفعوا عنه
،ولا يقفن أحدكم موقفاً يُضرب فيه رجل ظلماً فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه‏"‏‏.‏
، رواه الطبراني وفيه أسد بن عطاء قال الأزدي‏:‏ مجهول،ووثقه أبو حاتم وغيره وضعفه أحمد وغيره،وبقية رجاله ثقات ، لقد تضآلت كثيرا أمام هذه الأم حينما رفعت يداها إلى الله تعالى تستصرخه وتستنجد به وتشكو إليه حالها ودمار بيتها
ولا معين ولا صريخ إلا الله تعالى ، صراحة لقد تضاءلت حتى صرت كالذباب ، آهات يشيب لها الولدان ودموع تدمي القلب قبل العين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لقد نطقت بالحق أفواه الأعداء - والحق ما شهدت به الأعداء - وهذا ما جاء على لسان روبرت فيسك الكاتب البريطاني في جريدة الإندبندنت حيث تساءل الكاتب -بعد الإشارة إلى أن معظم القتلى الفلسطينيين كانوا من حماس- عن ما يُفترض أن يحققه هذا العدد؟ هل ستقول حماس: "إن هذه الحرب الخاطفة رهيبة ومن الأفضل أن نعترف بدولة إسرائيل وننخرط في صف السلطة الفلسطينية ونضع أسلحتنا وندعوا أن يأخذونا سجناء للأبد ونؤيد عملية سلام أميركية جديدة في الشرق الأوسط" هل هذا ما تعتقد حماس أن الإسرائيليين والأميركيين وغوردون براون سيفعلونه؟
وحاول الكاتب التذكير بفلسفة حماس في السخرية من الدنيا، سخرية كل الجماعات الإسلامية المسلحة كما وصفها. وأن الحاجة إلى شهداء مسلمين حاسم لهم كحاجة إسرائيل لجعلهم كذلك." أقول إن الحروب لا تقتل شعوبا ، والغارات لا تدمر أمما ، إن قراء التاريخ يذكرون أن هتلر كان يغير بطائراته على لندن بكرة وعشيا حتى حولها خرابا وصارت مدينة للأشباح ورغم ذلك لم يزيلها من الوجود وصارت بعد الحرب من أكبر عواصم الدنيا ، هذه كلها عبثية لا معنى لها إلا أنها دعاية إنتخابية للمرحلة الإسرائلية المستقبلة أو محاولة لحفظ كرسي عباس الذي سيزول في التاسع من يناير القادم ، نهاية أقول للنظام المصري ليتخذوا موقفا يرفع عنا الحرج أمام إخواننا في فلسطين بل أمام العالم أجمع والبشرية كلها ،
ثانيا : نقول لإخواننا في غزة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ، قيل أين ه يا رسول الله : قال ببيت المقدس واكناف بيت المقدس " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ثالثا : أقول لدعاة التطبيع والتركيع ومن يدعون أن حماس هي من دق ناقوس الحرب وألغى الهدنة وجر على شعبه وايلات الحرب ، ألا تريدون مقاومة ؟؟ هل الركوع في أذهانكم هو الحل الوحيد ؟؟ إن المقاومة عمل مشروع قانونا وعرفا واتفقت عليه البشرية كلها من قاصيها إلى دانيها ، لماذا هذا الذل والهوان ؟؟ هل يظنون أنهم حينما يهادنون اليهود سيتركهم اليهود يعيشون آمنين مطمئنين ؟؟ أسألهم سؤالا لماذا إجتاح اليهود الجنوب اللبناني في العقد الماضي ؟ إن الحرب في اليهودية هي جزء من العقيدة ولا أجد سؤالا إلا سؤال فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى : هم بنو إسرائيل فبنو من نحن ؟؟؟
ألا هل بلغت اللهم فاشهد
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى

Friday, December 26, 2008

محاور النقل في حادثة الهجرة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في ظلال هذه الأيام المباركة التي نعيش فيها عبق ذكرى حادثة الهجرة على صاحبها أفضل الصلوات وأتم التسليمات نود أن نستعرض محاور النقل في هذه الحادثة وفي حياة الأمة الإسلامية الناشئة في ذلك الوقت ، فليست محاور النقل التي نركز عليها تخص حدث الهجرة فقط بل هي نقل وتحويل لحياة الأمة الإسلامية قاطبة ولو شئنا لقلنا إلى يومنا هذا ، ومن معاني محور النقل أيضا أن تأثيره ليس فقط على مسار الحدث ولكنه لولا وجوده ما حدث الحدث ، سنركز بإذن الله على هذه المحاور تباعا بإذن الله إن كان في العمر بقية ، نقول وبالله التوفيق : أول هذه المحاور هي :

الأنصار رضي الله عنهم :
هؤلاء القوم رضي الله عنهم لابد أن نتوقف عندهم بنوع من التحليل والنظرة المتأملة التي أرى أنها أيا كانت لا توفيهم حقهم فقد قبلوا الرسالة وقبلوا المهاجرين - الوافدين الجدد على مجتمعهم - دون أدنى غضاضة ولا كراهة ولم ترو حاثة واحدة تدلل وتبرهن أن أنصاريا صدرت منه كلمة تأفف ولا تضجر من هؤلاء الوافدين بل فتحوا لهم أذرعهم وبيوتهم وأموالهم وعن طيب خاطر ، يا أحباب لا نود أن يمر هذا الموقف مر الكرام دونما تحليل فمن عادات الناس أن كل واحد يدافع عن ملكيته الخاصة ويقاتل عنها ويدفع روحه ثمنا لها نأخذ مثلا وهو مثل سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عن الجميع جاء له بماله وبزوجتيه فقال له هذا مالي خذ نصفه وهاتي زوجتي أختر أيهما أحب إليك فأطلقها فتقضي عدتها ثم تتزوجها فقال له بارك الله في مالك وزوجاتك ، دلني على السوق ...... أنظر أنه يعرض عليه ماله وزوجاته وهل هناك ما هو أعز على المرؤ من ماله وزوجاته أنه يعرضهما عليه وعن طيب خاطر ودونما أدنى خصاصة يقول الله تعالى في هذا الخصوص " والذين تبوءو الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فألئك هم المفلحون " سورة الحشر ، نعم لقد نفوا عن أنفسهم الشح والبخل ونقوا أنفسهم منه أحسن ما تكون التنقية ، تروي كتب السيرة فتقول ما نزل مهاجري على أنصاري إلا بقرعة ، أي أنهم كانوا يتنازعون فيما بينهم على المهاجرين حتى ينزلوا عندهم ولا يتهربون منهم بل ولم يتركوا الأمر للرسول صلى الله عليه وسلم حتى يحدد من ينزل على من ولكن كانوا يتنازعون إقامة المهاجرين عندهم وما موقف نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي أيوب الأنصاري خالد بن زيد رضي الله عنه منا ببعيد هذه واحدة
الأخرى أنهم في بيعة العقبة عقدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عقدا وبيعية مفادهما - وأود أن نتوقف قليلا مع هذه البيعة وهذا العقد حتى ندرك مقدار هؤلاء القوم - أن يمنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يمنعوا منه أنفسهم ونساءهم ولا شيء لهم بتاتا في الدنيا ، لا شيء لهم في الدنيا وإنما الجزاء في الآخرة ، وقبلوا راضين مطمئنين دونما تطلع إلى مغنم من مغانم الدنيا ، عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه أن الأنصار قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة إشترط لربك ولنفسك ما شئت ، قال أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعوا منه أنفسكم ونساءكم ، فقالوا ما لنا إن فعلنا ذلك ؟ قال : الجنة ، فقالوا ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل ، " وفي رواية البيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال " فقام إليه أسعد بن زراره وهو أصغر السبعين إلا أنا فقال لهم رويدكم أهل يثرب فإنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله ، وأن إخراجه اليوم مناوأة للعرب كافة وقتل خياركم وتعضدكم السيوف ، فإما أنكم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند ربكم وإما أنكم تأخذوه فخذوه وأجركم عند الله فقالوا : أبطئ عنا يا أسعد فوالله لا ندع هذه البيعة ولا نسلبها أبدا " تتفق الرويتان على تمسكهم الشديد بالبيعة مع علمهم بما سيحدث لهم والدليل على ذلك فقه أصغرهم - أسعد بن زراره- فما بالك بفقه الكبير فيهم ، والأعجب من ذلك هو قولهم " ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل " أي لا نرجع في البيعة ولا نتركك ترجع " والرواية الثانية تبين شدة الإصرار عليها " فوالله لا ندع هذه البيعة ولا نسلبها أبدا " .... إصرار شديد مع العلم بمخاطر البيعة والأعجب من ذلك أيضا هو الجزاء على هذه البيعة كجزاء أخروي وفقط وأريد أن نحتفظ بهذه النقطة في الذاكرة لأنها كانت محور من المحاور التربوية في شخصياتهم حتى آخر حياته صلي الله عليه وسلم
أخيرا بعد غزوة حنين وبعد أن أستقر الأمر وزع النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم على مسلمة الفتح - الحديثى عهد بالإسلام - وعلى المهاجرين ولم يعط الأنصار شيئا يا إلهي .... لم يعطهم شئيا من غنيمة الحرب.... حتى أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال يا رسول الله وجد هذا الحي من الأنصار عليك - وجد عليه أي هناك شيء في صدره عليه وذلك بسبب الغنائم وتوزيعها - فقال صلى الله عليه وسلم " فكيف أنت يا سعد ؟ قال : أنا رجل من قومي ... أي أنا واحد منهم أجد في نفسي ما يجدون ، فقال صلى الله عليه وسلم إجمع لي الأنصار في هذه الحظيرة ودار هذا الحوار المهيب ، قال صلى الله عليه " يا معشر الأنصار تكلموا فلو قلتم لصدقتم وصدقتكم جئتنا طريدا فآويناك وجئتنا عالة فواسينا فقالوا المن لله ورسوله - في أدب وتواضع جامين - ثم قال صلى الله عليه وسلم ولو شئت لقلت جئتكم ضللا فهداكم الله وجئتكم أذلاء فأعزكم الله ، أما ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله في رحالكم ، أمن أجل لعاعة تألفت بها قلوب قوم ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ، فلو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار ، ولولا الهجرة لكنت إمرؤا من الأنصار ، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار وظل يدعوا لهم حتى بكوا وأخضلت لحاهم وقالوا رضينا برسول الله حظا وقسما ، أنه يردهم صلى الله عليه وسلم إلى بنود البيعة الأولى التي بايعوا عليها حيث لا أجر في الدنيا وإنما الأجر كله في الآخرة ، وما أعظمها من مكافأة أن يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بلدته ومسقط رأسه ويعود معهم إلى ديارهم
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى