Sunday, December 23, 2007

من وحي الحج - ( 3 )








السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من وحي الحج ( 3 )
" وإذا بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ، وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " سورة الحج ويقول تعالى أيضا " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " سورة البقرة


** قصة هاجر رضي الله عنها وإسماعيل عليه السلام وبناء البيت الحرام
................... نكمل بإذن الله تعالى ما بدأناه من قصة إبرهيم عليه السلام فنقول وبالله التوفيق :
بعدما إستقرت أسرة إبراهيم عليه السلام في المكان الذي حدده الله تعالى له ومضى إلى حيث أمره الله تعالى ، فني الزاد الذي كان مع هاجر رضي الله عنها وجعلت تبحث عن مغيث في هذا المكان فلم تجد ، جعلت تسير يمنة ويسرة تظلب مغيثا فلم تجد ، كانت تصعد على جبل الصفا وتنظر هل من مار ؟؟؟؟؟؟ ثم تنزل وتذهب إلى المروة وتنظر أيضا هل من مار ؟؟؟؟ هكذا سبعة أشواط حتى أنبع الله تبارك وتعالى عين زمزم عند قدم ولدها إسماعيل عليه السلام حيث رأت من على قمة الجبل أن الطيور تحوم عند ولدها فخافت عليه ونزلت إليه مسرعة فوجدت عين زمزم تفور فقالت لها زمي زمي وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عينا معينا"وفي حديث آخر " يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت عينا معينا.
(خ) عن أنس.‏ ومعنى عينا معينا أي جارية وقيل لجرت حتى سقت أهل الأرض جميعا وقيل لو تركتها لكانت عينا جارية ، وقيل عنها أيضا أن من حفرها هو جبريل عليه السلام كما جاء في بعض الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال " زمزم حفنة من جناح جبريل " أي أمر أن يحفرها فحفرها بجناحه عليه السلام ، ولكن هنا سؤال هام هل يكفي الماء لحفظ حياة هاجر وولدها ؟؟؟؟ الإجابة نعم حيث يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم " زمزم طعام طعم وشفاء سقم " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحدثني غير واحد أنه إكتفى بها بعض أيام هو بالبيت الحرام ، ويقال أن قبيلة جرهم جاءت من اليمن وإستأذنت هاجر عليها رضى الله عنها أن تقيم عند زمزم فأذنت لهم ومن هنا نشأ العرب حيث يقول علماء الأنساب أن العرب ثلاثة أقسام وهم :
( 1 ) العرب البائدة وهم قبائل عاد وثمود وجديس وأميم وغيرها وسموا بائدة لفنائهم وإنقطاع أخبارهم
( 2 ) العرب العاربة : وهم أولاد يعرب بن قحطان ويسموا أيضا بالعرب القحطانية
( 3 ) العرب المستعربة وهم العرب الذين صاروا عربا بمصاهرة العرب من أولاد إسماعيل عليه السلام ، حيث تزوج عليه السلام من قبيلة جرهم ومن هنا نشأت بطون العرب المختلفة ، وبعد مدة من الزمن جاء إبراهيم عليه السلام بأمر من الله تعالى لبناء البيت وكان إسماعيل وقتها شابا يافعا وقد تزوج كما أسلفنا من قبيلة جرهم ، حدد الله تعالى له مكان البيت حيث يقول القرآن " وإذا بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ، وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " ويقول تعالى أيضا " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " ومعنى رفع القواعد يعني أن أصول بناء البيت كانت موجودة وما تم هو رفع البناء وكما يقول العلماء أن أول من بنى البيت هم الملائكة وقالوا أيضا هو آدم عليه السلام وقد طمس في طوفان نوح ، جعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم عليه السلام يرفع البناء حتى إستطال عليه الجدار فجاء له إسماعيل بحجر يقف عليه حتى يستطيع رفع البناء ، وكان كلما انتهى من جدار حول الحجر إلى الجدار الذي يليه حتى إستقر الحجر عند الجار الأخير وكان هذا ما يعرف بمقام إبراهيم وكان في بداية الأمر ملاصقا لجدار الكعبة وظل على هذا الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق حتى جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحوله في مكانه الحالى ، مما يعني أن المكان الذي يوجد عنده الحجر في وقنا الحالي هو آخر جدران الكعبة بناءا والله أعلم ، ويقال أنه نقص حجر في ركن الكعبة حتى يتم الجدار فطلب إبراهيم عليه السلام من إسماعيل عليه السلام أن يبحث له عن حجر حتى يكمل البناء فتباطأ لتعبه فنزل هو وجعل يبحث عن حجر فرجع ووجد الحجر الأسود قد جاءت به الملائكة لتكملة ، وبلغتني قصة أن أحد الجولوجيين الغربيين قد أخذ عينة من الحجر الأسود وقام بتحليلها فوجد أن تركيبه لا يمت لتركيب القشرة الأرضية بصلة مما يعني أنه من مكان آخر غير الأرض فسبحان الله العظيم ،




وبعدما تم البناء أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بالأذان في الناس بالحج فقال يا رب " إن صوتي لن يبلغ " فأوحى الله تعالى إليه " أذن وعلينا البلاغ " فصعد إبراهيم عليه السلام جبل أبي قبيس ونادى " أيها الناس أن الله قد بنى لكم بيتا فحجوه " فيقال أن الجبال والأشجار والأحجار قد تواضعت حتى بلغ صوت إبراهيم عليه السلام الأرض كلها وحتى بلغ الأجنة في أرحام أمهاتها وحتى قالت الأرواح في عالمها " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " .... وتصديقا لذلك أسألك بربك من منا لا يهفو قلبه إلى زيارة المسجد الحرام ؟؟؟، ومن زاره ألا يتمنى الرجوع إليه ؟؟؟؟؟
وفي هذا يقول الله تعالى " وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا ... " يقول المفسرون معنى مثابة أنهم لا يقضون وطرهم منهم فمن جاءه يتمنى الرجوع إليه ومن لم يزره يتمنى زيارته
اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام أجمعين .................اللهم آمين


نكمل في المرة القادمة بإذن الله تعالى

من وحي الحج - ( 3 )

Wednesday, December 12, 2007

الحرية للشرفاء ..... لا للمحاكمات العسكرية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما المعنى أن يمكث مجموعة من الأشخاص الشرفاء في السجن طيلة عام حتى تصاغ وتلفق لهم تهمة هم منها براء ألا وهي " غسيل الأموال "

ما المعنى أن يكون القاضي والخصم وشاهد الإثبات هم شخص واحد

ما معنى ألا تسمع الكلمات إلا كلمات الإتهام وفقط

ما المعنى أن يزرح هذا الشعب المسكين تحت نير الظلم والقهر والفقر ومحاربة قوته

لا أرى معنى لهذا إلا المزيد من الظلم ولتزداد طوابير وقوافل المساكين

من وحي الحج - 2 -

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تابع : " من وحي الحج – 2 "
** النبي المبتلى :
" ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وإرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " سورة إبراهيم ....
إستعرضنا في المرة السابقة الإبتلاء التي تعرض لها إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام والمتمثل في أمر الله تعالى له بذبح ولده ، ونكمل بمشيئة الله تعالى ما بدأناه في هذه النقطة تحديدا فنقول وبالله التوفيق ... إن إبراهيم علية السلام عندما دخل إلى مصر هو وزوجته سارة رضي الله عنها وحدث ما حدث من ملك مصر فدعت عليه سارة رضي الله عنها فتوسل إليها أن تطلقه فأطلقته فكافأها بأن وهب لها جارية وهي " هاجر " رضي الله عنها كي تكون خادمتها ، وأخذ إبراهيم عليه السلام زوجه وخادمتها ورحل قاصدا بيت المقدس ، ولاحظت سارة أن إبراهيم عليه السلام ينوي الزواج بجاريتها وبالفعل تزوج بها إبرهيم عليه السلام وعندما حملت إشتدت غيرة السيدة سارة من هاجر رضي الله عنها فأمرته أن يأخذ زوجته ويرحل ، وبالفعل أخذ إبراهيم عليه السلام زوجته وولده الرضيع بأمر من الله تعالى ورحل إلى المكان الذي حدده الله تبارك وتعالى له ، ما هو هذا المكان ؟؟؟ إنه مكان في باطن الصحراء ، صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ، ويضرب إبراهيم عليه السلام لأسرته خيمة ويضع معهم القليل من الماء وبالقليل من التمر ويولي فتناديه زوجته الصابرة " هاجر " يا إبراهيم لمن تتركنا ؟؟؟ فلا يلتفت ، وتكرر عليه السؤال وهو لا يجيب حتى كانت المرة الأخيرة فقالت له آلله أمرك بهذا ؟؟؟ فقال لها نعم فقالت إذا لن يضيعنا ، قالتها بلسان الصدق واليقين بالله ، إذا لن يضيعنا ، ما أحرنا أن نقتدي بها في كل الملمات التي تحيق بنا ، كلمة كلها يقين وثقة وتوكل على الله تعالى ، ولكن ألهذا الحد وينتهي الموقف .... لا إسمع معي إلى البلاغ القرآني في سورة إبراهيم والذي يجسد لك حالته النفسية وصراعاته الداخلية وقلبه الذي يتمزق على أسرته ولكن أمام أمر الله لا خيار ولا مجال للإختيار يقول تعالى " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وإرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " سورة إبراهيم .... ويكأنه رضي الله عنهم إختلى بربه ورفع أيد الضراعة إليه بعدما غاب عن الأعين يبث إلى الله شكواه وحاله " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم " ولم يكن البيت إذ ذاك بيتا ولكنه يتكلم بإعتبار ما سيكون ، وقولة بواد غير ذي ذرع تعني أنه حيث لا زرع فلا حياة ولا معالم للحياة أصلا ، يستشعر هذا المعنى من رزق الولد حيث يترك زوجته وولده الرضيع بلا مقوم من مقومات الحياة .... ولكن لماذا هذا ؟؟؟؟ إنه إمتثال لأمر الله تعالى وتصديق بوحيه ، ولو نظرنا إلى الأسباب المادية المتواجدة لوجدنا أنها ضعيفة ضئيلة لا تكفي الأسرة التي غاب عائلها أن تعيش إلا يوما أو بعض يوم وهذا هو معنى شكوى إبراهيم عليه السلام ، وكما يقول شيخ الإسلام بن تيمة رحمه الله " فمن أعظم أساليب الدعاء أن تعرض حالك على الله بشرح وتوضيح دون أن تطلب أو تعرض مسألتك " وهذا ما فعله إبراهيم عليه السلام بقوله " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة .... " فالجزء الأول من الآية عرض لحالته ولحال أسرته وفقط دون أن يطلب من الله شيئا ، وعندما طلب طلب من الله تعالى أن يقيموا الصلاة ويكأنه إستحى من الله أن يسأله شيئا خاصا بأمره له بإقامة أسرته في هذا المكان .......
نكمل في المرة القادمة .... قصة " هاجر " رضي الله عناه وولدها وزمزم والبيت

من وحي الحج - 1 -

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب لكم هذا المقال سائلا الله تبارك وتعالى أن يجعله خالصا لوجه الكريم وأن يوفقنا أن يكون بداية سلسلة بعنوان ( من وحي الحج )
*** (من وحي الحج – 1 -)
" سلام على إبراهيم – 109 – كذلك نجزي المحسنين – 110 " الصافات
تعالوا معا نستعرض شخصية ذلك النبي الصابر المبتلى المتوكل المحتسب ، إنه إبراهيم عليه السلام النبي الصابر الذي صبرا على الدعوة وصعوباتها حتى أصبح من أولي العزم من الرسل ومعلوم من هم أولي العزم من الرسل إنهم الذين لاقوا ما لاقوا في سبيل الله والدعوة إليه تبارك وتعالى ... تخيل أن شخصا تتمثل فيه كل قيم الخير والحق ، كما جاء في معنى قوله تعالى " إن إبراهيم كان أمة " .... وفسرها شيخ الإسلام بن تيمة رحمه الله بقوله " كان مؤمنا وحده وكان الناس مشركون " أي أنه كان في وقت من الأوقات هو أمة الإسلام وحده لأنه لم يكن على وجه الأرض مؤمن غيره ، وكما جاء في بعض الآثار أنه خاطب سارة زوجته فقال لها " ليس على الأرض مؤمن غيري وغيرك " ، إذا فالمطلوب منه أن يتمسك بالمنهج الحق وأن يدعوا إليه ويعلمه الناس في ظل جو لا يساعد على أي شيئ من هذا وما أصعبها من مهمة
المبتلى : وهو أنه بعد أن طعن في السن وشاب شعره رزقه الله تبارك وتعالى بولده إسماعيل عليه السلام ، ثمرة فؤاده وفلذة كبده وولده الذي رزق به على الكبر ..... تعالوا معا نستعرض محنة البلاء الذي إبتلي به إبراهيم في ولده :
أولا كانت وسيلة الوحي الذي أوحي إليه بها أن يذبح ولده هي " الرؤيا " والرؤيا وسيلة ظنية فلو أراد عليه السلام أن يتعلل أو يتحلل من الأمر لكان له المبرر كما يفعل عامة الناس لكنه يعلم حق العلم أن رؤيا الأنبياء حق وهي طريقة من طرق الوحي ، وحتى ندرك قيمة هذه النقطة تعالوا نتساءل تساؤلا آخر ألا وهو لماذا لم يوحي الله تبارك وتعالى إلى إبراهيم عليه السلام بذبح ولده عن طريق جبريل عليه السلام أو بأي طريق آخر ؟؟؟؟؟!!!! ذلك في حد ذاته إمتحان وحتى يحصل فيه إبراهيم على برهان صدق من الله تعالى بقوله " يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا "
ثانيا :توقيت الذبح في حد ذاته محنة أخرى ألا وهو عندما أصبح يرتجى منه الخير وهو ما عبر عنه القرآن بقوله " فلما بلغ معه السعي " أي أصبح يرتجى منه الخير .... في هذا التوقيت يؤمر بذبح ولده .... ما أصعبه من توقيت
ثالثا : طريقة الذبح نفسها وهي أن يقوم هو بالذبح نفسه لا أن يقف فيشهد الموقف وفقط بل هو من يذبح .... تعالى نستعرض هذا الموقف " فلما أسلما وتله للجبين " قال إسماعيل لإبراهيم عليهما السلام أن يعصب عينيه وأن يكبه على وجهه حتى لا تسقط عينه في عينه فيرق قلبه قيتأخر عن تنفيذ أمر الله تعالى ، بل وأصعب من ذلك يقول له " يا أبت لا تدخل على أمي بالسكين والحبل بعد الذبح فتفجعها " فيقوم إبراهيم عليه السلام بكل ذلك ، ثم تعالى نستعرض الطريقة ذاتها " أجرى إبراهيم عليه السلام السكين على صفحة رقبة إسماعيل فعطل الله تعالى خاصية الذبح في السكين فلم تذبخ " كان يكفيه أن يحمد الله على هذا وينهض ولا ولا يذبحه وإنما قام فحد السكين من جديد حتى تقطع .... فضجت الملائكة في السماء إلى الله تعالى وتضرعت " يا ربنا نبي يذبح نبيى
حتى أنهى الله تعالى هذا الموقف وكشف الغمة بالأضحية "
" وفديناه بذبح عظيم "
إلى اللقاء في مرة أخرى