السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد تقرع آذاننا بعض الأنباء عن هذا المسجد الذي بني في ذاك البلد العربي وتكلف بناءه بضع مليارات من الدراهم ، وفيه ثريا هي أكبر ثريا في العالم وفيه سجاد قد جيئ به من إيران على متن عدد من الطائرات لتعد هذه السجادة أكبر سجادة في العالم هي الأخرى ويمكث المسجد أعوام في بنائه وزخرفته ، ثم ثار في ضميري تساؤل ألا وهو لو أن أحد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كان موجودا بيننا أكان يقر هذا الفعل ويباركه ؟ ثم حدقت النظر بعيدا عن هذا المسجد إلى ما جاوره من المساجد فوجدت أن المساجد أقرب ما تكون إلى التحف عنها بيوتا لله تبارك وتعالى ، تجد المساجد كلها تشترك في أنها ذوات مساحات كبيرة وطرز معمارية فاخرة وتجصيصات وزخارف ونحو ذلك ، هذا كله قد تغض عنه الطرف إذا كان المسجد يقوم بدوره وإمامه يؤم الناس في الحياة تماما كما يؤمهم في الصلاة ، غير إن البلية العظمي التي بليت بها المساجد هي ما يسمى " هيئة الأوقاف " ولا ندري ما تفعله هذه الهيئة أهو للإسلام أم عليه ؟؟ ، فجميع الإجراءات التي تتخذها هذه الهيئة ما هو إلا طوق من حديد يكبل به المسجد ويحجب دوره عن الحياه بذرائع كثيرة فمنها مصلحة المسلمين ، ومنها الحرص على عدم إزعاج الناس ومنها الحفاظ على المسجد ذاته ومنها تعيين رجل من الناس لا يحسن القراءة ولا الكتابه - ويكأنهم في كل الأقطار قد خرجوا من مكان واحد - كل وظيفته هو منع من يلقي درسا أو يقول كلمة أو يعلم الناس حرفا بدعوى أن هذا ممنوع طبقا لقرار الهيئة أتدرون من هذا أنه خادم المسجد ( الفراش ) وحتى لا أظلم الفراشين المعاصرين فقد عجبت كل العجب عندما قرأت أن الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة كان في سفر له ذات يوم فآواه المبيت إلى مسجد فجذبه خادم المسجد وطرده خارج المسجد بدعوى أن المبيت في المسجد ممنوع ، فسبحان الله لقد إمتلك هذا العامل من الفقه ما يفوق أمام أهل السنة وما حدى به أن يخبره أن المبيت في المسجد ممنوع !!!! ، فقلت في نفسي لا عجب أن يصنع المعاصرون ما يصنعون وقد فعل جدهم ما فعل بإمام أهل السنة ، الإمام يقرأ الجمعة من ورقة قد أعطوها له وليس له أن يضيف عليها أو يعدل فتجده يقرأ خطبة الجمعة من ورقة هي هي نفس الخطبة التي يقرأها إمام المسجد الذي في الحي الآخر ، وعندما يلقي الإمام درسا تجده يقرأ من كتاب كل دوره أنه يقرأ من الكتاب ، وكان هذا الإمام لا دور له إلا أن يقرأ من الورقة أو من الكتاب ، هل هذا هو المسجد الذي أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ وهل هذا الإمام له الحق أن يرق منبر رسول الله ؟؟؟ ، لقد توقفت طويلا عند وصف فضيلة الشيخ محمد الغزالي لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد إجتهدت أن أنقله كما هو لما فيه من نفع ، يقول فضيلته في كتاب فقه السيرة عن بناء النبي صلى الله عليه وسلم لمسجده " ....وتم المسجد في حدود البساطة ، فراشه الرمال والحصباء ، وسقفه الجريد ، وأعمدته الجذوع ، وربما أمطرت السماء فأوحلت أرضه ، وقد تفلت الكلاب إليه فتغدو وتروج ، هذا البناء المتواضع الساذج هو الذي ربى ملائكة البشر ، ومؤدبي الجبابرة ، وملوك الآخرة ، في هذا المسجد أذن الرحمن لنبي أن يؤم بالقرآن خيرة من آمن به ، أن يتعهدهم بأدب السماء من غبش الفجر إلى غسق الليل " إنتهى . إنظر إلى وصفه لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت أن كان رسول الله موجودا ولا يقولن قائل إن هذا كان وقت الشدة ووقت بدايات الدولة الإسلامية فلو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفوق بناءه هذا إيوان كسرى وقصر قيصر لكان ولكن كان له صلى الله عليه وسلم في ذلك علة وحكمة ، كان يبني الإنسان ولا يبني الجدران . ثم ثار في نفسي تساؤل آخر هل هذه الإجراءات التي تتخذ حيال المساجد من منع لذكر الله فيها من غير تصريح ومن منع الإعتكاف وصلاة التهجد والقيام فيها وما إلى ذلك مما تعلمون وما لا تعلمون ، أيخدم الإسلام ويصب في صميم رسالة المسجد أم لا ؟؟ إنها لصيغة واحدة متفق عليها في كافة البلدان العربية ويكانهم إجتموا في إجتماع واحد وإتفقوا على إستراتيجيات محددة المعالم ، أقول إن هذه علمنة جديدة في صيغة أخرى لأن الصيغة القديمة قد رفضها الناس ومجوها ، فصاغ هؤلاء هذه الصيغة بدعوى حماية المساجد وصيانتها ، غير أنني أعجب كل العجب أليس للمسجد مجلس إدارة وفراشة يقومون علي صيانته وحراسته ؟؟؟ لماذا يمنع كل شيئ فيه ولا يقوم هؤلاء بمراقبة ما يتم فيه ؟ أتركوا الشباب يلجأ إلى المساجد قبل أن تكتوا بناره في حياتكم العامة . وأختم بهذه الفتوى عن حكم تزين المساجد وتجميلها بشكل مبالغ فيه فتوى رقم9320 موقع إسلام ويب( ) :
فالإسراف والتبذير خلقان مذمومان، جاء النهي عنهما في كتاب الله عز وجل، قال تعالى (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31] وقال (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الاسراء: 26،27) .وزخرفة المساجد والإسراف في بنائها من علامات الساعة، فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد".وقال البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة، باب بنيان المساجد: ( قال أنس: يتباهون، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً، فالتباهي بها: العناية بزخرفتها. قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى).وقد جاء وعيد شديد على هذه الزخرفة، وهو فيما رواه الحكيم الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: " إذا زوقتكم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم" قال الألباني في صحيح الجامع: إسناده حسن.وما ذكرته من التصدق بثرية كبيرة الحجم يقدر ثمنها بثلاثين ألف دولار، داخل في حد الإسراف، والأولى - بلا شك- أن يكتفى بما يحقق الغرض من الإنارة، ثم يتصدق بالباقي، ولنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أصحابه، فقد عمروا المساجد بالطاعة والعبادة، معرضين عن الزينة والزخرف.قال عمر رضي الله عنه عند تجديد المسجد النبوي: "أكِنَّ الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر، فتفتن الناس".رواه البخاري قال المناوي في فيض القدير: (فزخرفة المساجد، وتحلية المصاحف منهي عنها، لأن ذلك يشغل القلب، ويلهي عن الخشوع والتدبر والحضور مع الله تعالى. والذي عليه الشافعية أن تزويق المسجد، ولو الكعبة، بذهب أو فضة حرام مطلقاً، وبغيرهما مكروه) انتهى .
ألا هل بلغت اللهم فاشهد
نلتقي في مرة أخرى بإذن الله تعالى