السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تابع : " من وحي الحج – 2 "
** النبي المبتلى :
" ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وإرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " سورة إبراهيم ....
إستعرضنا في المرة السابقة الإبتلاء التي تعرض لها إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام والمتمثل في أمر الله تعالى له بذبح ولده ، ونكمل بمشيئة الله تعالى ما بدأناه في هذه النقطة تحديدا فنقول وبالله التوفيق ... إن إبراهيم علية السلام عندما دخل إلى مصر هو وزوجته سارة رضي الله عنها وحدث ما حدث من ملك مصر فدعت عليه سارة رضي الله عنها فتوسل إليها أن تطلقه فأطلقته فكافأها بأن وهب لها جارية وهي " هاجر " رضي الله عنها كي تكون خادمتها ، وأخذ إبراهيم عليه السلام زوجه وخادمتها ورحل قاصدا بيت المقدس ، ولاحظت سارة أن إبراهيم عليه السلام ينوي الزواج بجاريتها وبالفعل تزوج بها إبرهيم عليه السلام وعندما حملت إشتدت غيرة السيدة سارة من هاجر رضي الله عنها فأمرته أن يأخذ زوجته ويرحل ، وبالفعل أخذ إبراهيم عليه السلام زوجته وولده الرضيع بأمر من الله تعالى ورحل إلى المكان الذي حدده الله تبارك وتعالى له ، ما هو هذا المكان ؟؟؟ إنه مكان في باطن الصحراء ، صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ، ويضرب إبراهيم عليه السلام لأسرته خيمة ويضع معهم القليل من الماء وبالقليل من التمر ويولي فتناديه زوجته الصابرة " هاجر " يا إبراهيم لمن تتركنا ؟؟؟ فلا يلتفت ، وتكرر عليه السؤال وهو لا يجيب حتى كانت المرة الأخيرة فقالت له آلله أمرك بهذا ؟؟؟ فقال لها نعم فقالت إذا لن يضيعنا ، قالتها بلسان الصدق واليقين بالله ، إذا لن يضيعنا ، ما أحرنا أن نقتدي بها في كل الملمات التي تحيق بنا ، كلمة كلها يقين وثقة وتوكل على الله تعالى ، ولكن ألهذا الحد وينتهي الموقف .... لا إسمع معي إلى البلاغ القرآني في سورة إبراهيم والذي يجسد لك حالته النفسية وصراعاته الداخلية وقلبه الذي يتمزق على أسرته ولكن أمام أمر الله لا خيار ولا مجال للإختيار يقول تعالى " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وإرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " سورة إبراهيم .... ويكأنه رضي الله عنهم إختلى بربه ورفع أيد الضراعة إليه بعدما غاب عن الأعين يبث إلى الله شكواه وحاله " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم " ولم يكن البيت إذ ذاك بيتا ولكنه يتكلم بإعتبار ما سيكون ، وقولة بواد غير ذي ذرع تعني أنه حيث لا زرع فلا حياة ولا معالم للحياة أصلا ، يستشعر هذا المعنى من رزق الولد حيث يترك زوجته وولده الرضيع بلا مقوم من مقومات الحياة .... ولكن لماذا هذا ؟؟؟؟ إنه إمتثال لأمر الله تعالى وتصديق بوحيه ، ولو نظرنا إلى الأسباب المادية المتواجدة لوجدنا أنها ضعيفة ضئيلة لا تكفي الأسرة التي غاب عائلها أن تعيش إلا يوما أو بعض يوم وهذا هو معنى شكوى إبراهيم عليه السلام ، وكما يقول شيخ الإسلام بن تيمة رحمه الله " فمن أعظم أساليب الدعاء أن تعرض حالك على الله بشرح وتوضيح دون أن تطلب أو تعرض مسألتك " وهذا ما فعله إبراهيم عليه السلام بقوله " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة .... " فالجزء الأول من الآية عرض لحالته ولحال أسرته وفقط دون أن يطلب من الله شيئا ، وعندما طلب طلب من الله تعالى أن يقيموا الصلاة ويكأنه إستحى من الله أن يسأله شيئا خاصا بأمره له بإقامة أسرته في هذا المكان .......
نكمل في المرة القادمة .... قصة " هاجر " رضي الله عناه وولدها وزمزم والبيت
No comments:
Post a Comment